علاء حسن المعروف لدى المشاهدين العراقيين أن المسلسلات المدبلجة سواء كانت تركية أو مكسيكية طويلة جدا، ولكنها تستحوذ على متابعة المشاهدين، لمعرفة مصير البطل وقصة عشقه ومغامراته مع الصبايا، وفي الواقع الأمني العراقي هناك مسلسل باللهجة المحلية ومن نوع الأكشن يتضمن مطاردات وإطلاق نار وحملات دهم وتفتيش على خلفية هروب سجناء من معتقلهم الكائن في مقر عسكري وسط العاصمة بغداد.
فجر الاثنين الماضي استطاع اثنان من عناصر تنظيم القاعدة كانا ضمن مجموعة معتقلين في مقر اللواء الخامس في حي السيدية من الهرب، وطبعا لجهة مجهولة، وإثر ذلك فرض اللواء إجراءات مشددة على الأهالي وأخضعهم للتفتيش الدقيق والتحقق من هوياتهم الشخصية، والغريب في هذا المسلسل المحلي أن سيارات ومدرعات اللواء أطلقت نداءات تحذيرية موجّهة لسكان الحي تحذرهم من أن احد الفارّين يحمل بندقية كلاشنكوف، استطاع الحصول عليها من احد حراس السجن، وقبل أيام فرّ 6 معتقلين مطلوبين من عناصر تنظيم القاعدة من السجن نفسه، فطاحت المصيبة على رؤوس أهالي السيدية، ومنعوا من الخروج والدخول بأساليب "حضارية" من قبل منتسبي اللواء الذين اعتادوا إخضاع حتى الطيور والكلاب السائبة للتفتيش "الدقيق" بحثا عن الهاربين.مسلسل هروب المعتقلين مستمر بنجاح ساحق، وهو يحمل بكل مشاهده تفاصيل الخرق الأمني، وعلى الرغم من مطالبات لجنة الأمن والدفاع بمحاسبة المقصرين، تكتفي الأجهزة الرسمية بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات الحادث، وقبل أن تنهي اللجنة عملها تكلف بفتح تحقيق آخر في حادث مماثل، ولهذا تتواصل حلقات المسلسل الأمني بمتابعة واسعة من قبل المواطنين لأنهم يخضعون بصدور رحبة ومرحّبة بالإجراءات المشددة، في إطار تعاونهم مع رجال الأمن الحريصين جداً على استقرار الأوضاع الأمنية بشكل عام، وفشلهم في احتجاز المعتقلين ليس دليلا على سوء الأداء.حي السيدية بجانب الكرخ محاط بحواجز كونكريتية، ويعاني سكانه يوميا صعوبة الدخول إلى منازلهم نتيجة خضوع مركباتهم لإجراءات التفتيش، وأمام مداخله الثلاثة تصطف المركبات بطابور طويل في كل وقت، وبرغم ذلك يتمكن المعتقلون من الهرب، ومثل هذه الحوادث لا تصدق حتى في المسلسلات المدبلجة، والمشاهد من مثل هذا النوع تزج لتوفير عنصر المتعة للجمهور بمتابعة المطاردات وعادة تنتهي بالقبض على الهارب، وإعادته مكتوفا إلى السجن وإيداعه بزنزانة انفرادية لحين محاكمته. وفي المسلسل الأمني العراقي المدبلج يهرب المعتقلون ويتم زج المواطنين في زنزانة داخل أحيائهم خلف جدران كونكريتية وحواجز تغلق الشوارع الرئيسة والطرق الفرعية، مع قائمة ممنوعات طويلة تبدأ بحظر وقوف السيارات والعربات أمام المحال التجارية، والصيدليات وعيادات الأطباء، وتنتهي بمنع الاقتراب من مركبات الأجهزة الأمنية، وإطفاء مصابيح السيارة وإشعال ضوء البطن وفتح النوافذ، وتنتهي الحلقة الأولى من المسلسل، على أمل بث الحلقة الثانية في اليوم التالي بمشهد هروب معتقلين آخرين.
نص ردن: مسلسل أمني مدبلج
نشر في: 5 فبراير, 2012: 07:58 م