TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :بائع "الكلشان"

سلاما ياعراق :بائع "الكلشان"

نشر في: 5 فبراير, 2012: 09:46 م

 هاشم العقابي "اشتر كلاشا لتنقذ حياة طفل عراقي". هذا الشعار رفعه رجل أمريكي هو وزوجته. تركا بلدهما الآمن ليعملا بالعراق في اوج ايام الصراعات الطائفية والحرب الاهلية في العام 2007. كان هدفهما هو البحث عن وسيلة لانقاذ حياة اكثر من 30000 طفل عراقي يعانون من عاهة الفتحة بالقلب. والسبب الذي دفعهما لذلك، كما ورد على موقع جمعيتهما الخيرية التي اطلقا عليها اسمPreemptive Love Coalition، هو حبهما لشعب العراق وثقافته وأطفاله
 الذين يموتون بسبب تلك العاهة. و"الكلاش"، لمن لا يعرفه، حذاء يصنعه الأكراد يدويا من القطن منذ 3000 عام. لقد أعطتني كلمة الحب جوابا لسؤال اشغلني منذ اليوم الاول الذي قررت فيه ان تكون بريطانيا منفاي، قبل اكثر من ربع قرن. كنت أسأل: لماذا الناس في بلدان اوربا تعيش بخير وامان وفي بلادنا يعيشون في خوف وهوان؟ ورغم ان الجواب لم يكن سهلا، لكني كنت اعزوه دائما الى غياب الديمقراطية في بلدنا.أما اليوم، وبعد ان قرأت ان الحب هو الذي دفع غريبين لبيع "الكلشان" كي ينقذا حياة اطفالنا، لم اعد مقتنعا بان غياب الديمقراطية هو السبب الحقيقي الذي يقف وراء ما نعانيه من ظلم وقهر الى يومنا هذا. فالديمقراطية يفترض انها قد حلت عندنا اذ لدينا برلمان انتخبه الشعب، ودستور صوت عليه الشعب ايضا. فعلام الحال كما هي عليه قبل "التغيير" ان لم اقل صارت أسوأ؟ الجواب هو ان العراقيين لم يجدوا فيمن انتخبوهم واحدا يحبهم كما احبهما هذا الأميركي وزوجته. ولان دافعهما هو الحب، لذا لم يضعا عينيهما على النفط، ولم يفكرا بجعل جمعيتهما وسيلة للارتزاق والاحتيال والسرقة أو يتخذا من "الخضراء" مقرا لهما. بل فكرا بطريقة بسيطة لا يهتدي اليها الا من يحب الناس. الفكرة باختصار شديد هي انهما قررا فتح سوق خيرية لبيع "الكلشان" يخصص ريعها لمعالجة الاطفال العراقيين. وهكذا في غضون11 شهرا فقط، من تسويق "الكلاش" وليس النفط العراقي، تم انقاذ حياة 118 طفلا عراقيا. اي درس انساني يفوق هذا الدرس؟ فيا ليتكم تعينوني على اختيار كلمات اعبر بها عما أكنه من احترام وتقدير كبيرين لهذين الغريبين اللذين اسهما بانقاذ حياة الكثير من اطفال العراق من شماله الى جنوبه. والله لو حظيت بلقائهما لقبلت ايديهما واقدامهما بكل فخر.اما انتم يا اعضاء برلماننا ويا طاقم حكومتنا الذين تدعون مخافة الله، أذكركم بان رسوله قد قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". فهل احببتمونا واطفالنا مثلما احببتم انفسكم واطفالكم، لتكملوا ايمانكم كما اوصى الرسول؟سيظل اليأس يدب في قلوبنا ما دامت قلبوكم لا تعرف معنى حب الشعب. واعلموا ان سر الخراب والفساد والموت الذي يحاصرنا يكمن في فقدانكم للحب. هالحرفين مش اكثر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram