حازم مبيضين كان الفيتو الروسي ضد أي قرار في مجلس الأمن لا ترضى عنه دمشق مؤكداً وحتمياً، وهو ناجم عن تبني موسكو لما يعلنه النظام السوري عن مؤامرة خارجية وعصابات مسلحة، ولم يكن التحاق الصين بروسيا مؤثراً، فالنقض الروسي كان كافياً لوأد مشروع القرار العربي الغربي، وإذ تعرف بكين ذلك فإنها تتخذ هذا الموقف، سعياً لتعظيم حصتها في المساومات الدولية على الدم السوري، المستمر في النزف منذ ما يقارب العام، وتوج بالمجزرة الدامية في حمص،
بالتزامن مع انعقاد مجلس الأمن، وهو ما اعتبره البعض إمعاناً في التحدي من قبل النظام للمجتمع الدولي، في حين اتهم النظام مناوئيه بارتكاب المجزرة، كمحاولة لاستدرار العطف على المواطنين السوريين العزل، ودفع العالم للوقوف ضد البعث الحاكم ورئيسه بشار الأسد. بعد الفيتو المزدوج، اعتبرت المعارضة في الخارج أن مجلس الأمن بات مغلق الأبواب أمام الشعب السوري، لكنه فتح باباً لتحالف دولي يستند إلى الدول التي أيدت مشروع القرار، وتأمل المعارضة أن يتحول إلى تجمع دائم يقود التحرك الدولي، ويقدم كل الدعم المطلوب لتحرير الشعب السوري، وأن يكون ذلك الدعم بغير حدود بما فيه دعم الجيش السوري الحر، مع تزايد الدعوات للمواطنين السوريين في مختلف العواصم والمدن إلى مزيد من التظاهرات أمام سفارات سوريا وروسيا والصين، إضافةً إلى دعوة الشعوب العربية للقيام بواجبها تجاه الشعب السوري، وأن تعبر عن تضامنها الكامل مع معاناته، وفي حين تسعى قيادة تلك المعارضة للإعداد لحملة مقاطعة عربية بكافة الأشكال لروسيا والصين، فإنها تعمل على إعلان العصيان المدني، وعلى ثلاث مراحل أولها الإضراب لمدة يومين حداداً، يتبعها بدء عصيان اقتصادي تمهيداً لعصيان في دمشق وحلب.ملامح التجمع الدولي خارج إطار منظمة الأمم المتحدة الذي كانت فرنسا أول من دعا إليه بدأت بالتبلور، وأعلنت واشنطن أنها ستعمل على كشف من يواصلون تمويل النظام السوري وإمداده بالأسلحة، ودعت ألمانيا إلى إنشاء مجموعة اتصال دولية للمساعدة في وقف إراقة الدماء بسوريا، وعلى صعيد عربي اتخذت تونس موقفاً أكثر تشدداً حين قررت طرد السفير السوري لديها، ودعت بقية الدول العربية لطرد السفراء السوريين من عواصمها في خطوة توضح المنحى التصاعدي لمواقف مجموعة من الدول العربية تجاه النظام السوري، وقبل تونس كانت ليبيا أغلقت السفارة السورية واعترفت بالمجلس الوطني المعارض وقبلهما كانت قطر قد أغلقت سفارتها في دمشق واستدعت السعودية والكويت والبحرين السفراء من العاصمة السورية، لكن ذلك لايعني موقفاً عربياً موحداً فالجزائر ومصر والعراق والسودان ترفض سحب السفراء، وتعليق عضوية سوريا في الجامعة، وبما يعني في آخر الأمر أن هناك انشقاقاً عربياً ودولياً تجاه ما يجري في بلاد الشام.الأكثر أهميةً هو تبني المعارضة التي ظلت تطرح نفسها حتى اللحظة كحراك سلمي سياسي للمنشقين عن الجيش النظامي، الذي يؤكد المنشقون انهيار روحه المعنوية والتعبوية، وبما يعني اندلاع حرب أهلية تم التحذير منها منذ بدأت الانشقاقات في الجيش، وحملت طابعاً طائفياً، برغم أن المنشقين يؤكدون وطنيتهم بعيداً عن الطائفية لكن اقتصار ذلك على طائفة بعينها يؤكد احتماء الطوائف الأخرى بالنظام ( العلماني ) خشية التهميش في ظل أي نظام قادم على مراكب أسلمة السياسة، وكل ذلك سيفضي في النهاية إلى صدامات مسلحة شرسة، على قاعدة انقسام طائفي بغيض، يدفع ثمنها المواطن السوري، بغض النظر إن كان من مؤيدي النظام أو من معارضيه، وبغض النظر أيضاً عن انتمائه الطائفي أو الديني أو الاثني، فالحرب الأهلية حين تستعر ستكون بغير عقل وبغير عيون.
في الحدث :مابعد الفيتو.. الحرب الأهلية
نشر في: 6 فبراير, 2012: 08:56 م