وديع غزوانبغض النظر عن رأي اللجنة القانونية النيابية بشأن، عدم وجود قانون في الدستور يمنع المالكي من شغل منصبه مرة أخرى، فإننا نتمنى على رئيس الوزراء ألا يفعلها وأن يريح نفسه من وزر أثقالها و يخفف عنه حمل هذه المسؤولية، حتى لو فاز حزبه في الانتخابات المقبلة أو حقق تحالفات ترجح تسنّمه المنصب. الموضوع ليس شخصياً ولا يتعلق بنجاح أو فشل المالكي في إدارة مجلس الوزراء،
بل هو أكبر من ذلك حيث انه فرصة بحسب رأينا المتواضع، لممارسة دور مهم وكبير لتثبيت مفاهيم جديدة في العمل السياسي، غابت عن مجتمعاتنا منذ قرون وليست عقوداً، مفاهيم تؤكد انه -أي العمل السياسي ـ أسمى من المناصب وما توفره من وجاهة وسلطة وامتيازات، وأن المسؤولية أمانة وعبء كبير، لذا كان العظماء فقط في التاريخ من تجنبوا إغراءاتها فبقوا خالدين ومعروفة هي مواقف الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب(رض ) وإمام المتّقين علي بن أبي طالب ( ع ) منها. في تاريخنا الحديث الأمثلة كثيرة على ما فعله هوى السلطة بالمبادئ والقيم وما جرته علينا من ويلات ونكبات جعلتنا حتى اليوم ندفع كشعب ثمنها.ربما لم يشهد البعض خصوصاً الشباب، أو يعايش تلك المراحل القاسية والمرة، غير أن آخرين ما زالوا يستذكرون أيام الصراعات والتصفيات للشخصيات الوطنية، التي مورست باسم الوطنية والحفاظ على المبادئ وتسويغ مصادرة الحدود الدنيا من حرية الرأي والتعبير من أجل تكريس فروض الطاعة و الولاء "للقائد الموهوب والمحبوب ".. سنوات كان فيها حق المواطن الوحيد التصفيق وترديد شعارات الحرية والمساواة دون أن يلمسها، بل أن ما يجري عكسها تماماً، ناهيك عن أن أحزابا وشخصيات قد تحولت في العراق وغيره إلى أداة بيد مالك مفاتيح السلطة وخزائنها، فزينت هذه المجاميع والحاشية من الأتباع أفعاله، فحولت سيئاته حسنات وجعلت من الهزيمة انتصاراً ومن الإخفاق نجاحاً، حتى صار البعض يجهر بعبادة الفرد التي أكدت تجارب العالم فشلها الذريع وتسببها بمآس وويلات لا حصر لها للشعوب. قد يدعي البعض أن الانتخابات هي الفيصل وأن المالكي وغيره لا يملكون إلا الاستجابة لبصمة المواطن على ورقته الانتخابية، غير أن مسؤولية السياسي في أوضاع كالعراق بل المنطقة تتخطى ذلك، حيث أنّ المطلوب منه أن يكون القدوة خاصة بعد سنوات قاسية شهدت أوضاعا مزرية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لا تتحمل جهة أو شخص واحد مسؤوليتها بل يشترك الجميع فيها، غيرأنّ من الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى السلطة التنفيذية والى رئيسها بشكل خاص. ومع تقديري واحترامي لصاحب البيان وحقه بالتعبير عن عن رأيه في التمهيد،لما يبدو توجهاً سابقا لأوانه في الدعوة لتولي المالكي ولاية ثالثة، غير أننا نود أن نذكّره بآراء عدد غير قليل من البرلمانيين ومن كتلة التحالف الوطني و منظمات المجتمع المدني التي عبرت عن رأيها الصريح في الأداء السيئ للأجهزة الحكومية وللفساد المستشري فيها وانتهاك الحقوق وغيرها من المظاهر السلبية التي من أبرزها قضية التعامل مع التظاهرات السلمية التي نظمها شباب مستقلون دعوا للإصلاح والتغيير، وهي تناقض ما جاء في بيانه- مع الأسف -، غير أننا مرة أخرى نتمنى على المالكي ألا يفعلها ليس لتقصير أو فشل ولكن لتثبيت قاعدة نعتقد أننا بأمس الحاجة إليها هي أن السلطة ليست غاية بحد ذاتها وأن خدمة الشعب يمكن أن يكون بقنوات أخرى غيرها .
كردستانيات: نرجو ألا يفعلها
نشر في: 7 فبراير, 2012: 08:23 م