أحمد حسينبالرغم من الكم الهائل من المشاكل والأزمات التي يعاني منها العراق وتلقي بثقلها الأكبر على كاهل المواطن، لتضيف له هما وإرهاقا جسديا ونفسيا واقتصاديا وصحيا وتعليميا، إلا أن انشغال السلطتين التنفيذية والتشريعية بقانون حظر التدخين الذي ارتأى مجلس الوزراء أنه القانون الأشد أهمية والأكثر إلحاحا لإعداده وتقديمه على العشرات من القوانين الحيوية ذات المساس المباشر بحياة المواطنين وبناء الدولة،
وهو رؤية يبدو أن مجلس النواب اتفق معها حيث سارع إلى إقرار هذا القانون لأهميته، بالرغم من اعتراض عدد غير قليل من البرلمانيين على القانون ومطالبتهم بإلغائه أو تعديله، لكن الأغلبية البرلمانية ارتأت أن حظر التدخين أهم وأجدى نفعا للعراق والعراقيين من حسم موازنة العام 2012 والتصويت على القوانين والقرارات الخدمية والصحية والبيئية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والأمنية والإستراتيجية المعطلة منذ سنوات.لا ضير أن تهتم الحكومة والبرلمان بالصحة العامة والخاصة للمواطنين، لكن على أن لا يكون هذا الاهتمام على حساب الخدمات الأساسية التي تتوقف على بعضها حياة المواطنين أو سلامتهم الصحية أو الاجتماعية، وليس على حساب بلد تهدم يجب إعادة اعماره ليس لجعله جوهرة الشرق الأوسط كما يحلم البعض ولا لمنافسة دول المنطقة في رقيها وتطورها، بل لتأمين المتطلبات الأساسية من مقومات بناء الدولة والإنسان.من غير المعقول أن تتناسى السلطتان التنفيذية والتشريعية الأزمات الخانقة التي تسحق المواطنين لتنشغل بحظر ممارسات تدخل ضمن باب الحرية الشخصية، وتبرر ذلك بأنه حرص على الصحة العامة وحماية البيئة، وفي المقابل نجد إهمالا واضحا بل استخفافا بواجبات من المفترض أن تتربع على سلم أولويات العمل الحكومي والبرلماني، فهناك استياء عالي الوتيرة من تردي الطاقة الكهربائية في عموم مناطق البلاد، وهناك استنكار شديد اللهجة لعدم توفر المياه الصالحة للشرب في ما لا يحصى من المدن والقرى والأرياف، وثمة خطر صحي وبيئي يهدد حياة العديد من المواطنين، كذلك أزمة تربوية تعليمية تعاني منها جميع المحافظات، وهناك خطر أمني يتوعد سلامة المواطنين في مختلف المناطق، وفي المقابل هناك استرخاء استفزازي من قبل الجهات التنفيذية ولا مبالاة برلمانية ورقابية، والضحية هو المواطن العراقي بغض النظر عن هويته الفرعية والجغرافية.التغاضي عن الخطر البيئي الكامن في العديد من التجاوزات على البيئة، ومن ابرزها كور ومعامل الطابوق وما تتسبب به من اضرار جسيمة على صحة الانسان كما توضحه الدراسة المنشورة في هذه الصفحة، فضلا عن الاصابات السرطانية العديدة التي ظهرت في ميسان وكان السبب ورائها معامل الطابوق، التغاظي عن ذلك يجعل من مخاطر دخان التدخين أمرا ثانويا قدمته الحكومة والبرلمان على خطر قائم أشد فتكا ووضوحا من السكائر.
يحدث في العراق فقط: حظر الخدمات
نشر في: 8 فبراير, 2012: 09:16 م