عباس الغالبي (هدّئ من روعك يا أسعد، علّنا نجد فرصة سانحة بمغادرة المتقاعدين من الأساتذة كبار السن تطبيقاً لحيثيات قانون الخدمة الجامعية). هذا ما تناهى الى مسامعي وانا ادخل استعلامات وزارة التعليم العالي وسط بغداد من محمد عبد الأمير احد زملائي  في دراسة الماجستير وهو يحدث صديقه وصديقي (أسعد) حامل شهادة الدكتوراه في البايلوجي الباحثين عن فرصة عمل في الجامعات العراقية
مع خمسة من حاملي الماجستير والدكتوراه في اختصاصات مختلفة، وهم جميعاً يحاولون الدخول الى باحة الوزارة، وقد منعهم موظف الاستعلامات الذي أخذ ينقل اعتذار وزارته عن استقبال طلباتهم للتعيين بصفة تدريسيين في الجامعات، فطلبت من موظف استعلامات الوزارة ان يسمح لهم بالدخول الى مديرية الشؤون الإدارية للاستيضاح عن حقيقة أمرهم، فلم تنفع محاولتي مع الموظف المعبأ بتعليمات وزارية  أوصدت الأبواب أمام حاملي الشهادات العليا.ودعت حينها أصدقائي وزملاء الدراسة وقد عادوا أدراجهم والخيبة تملأ محياهم ودخلت الوزارة في طريقي الى قسم الإعلام لأنجز مهمة صحفية فاستوقفني مرة أخرى في احد ممرات الوزارة مشهد آخر لأكثر من عشرة من حاملي شهادة الدكتوراه العائدين من خارج العراق، وقد تصدرهم د. عامر احد زملائي في الدراسة الإعدادية وحامل شهادة الدكتوراه في الهندسة المعمارية من إحدى الجامعات السويدية، وبصوته المميز الرخيم قال لزملائه: (لنذهب لمقابلة الوزير بعد ان طال انتظارنا وسئمنا وعود موظفي الوزارة)، عندها دفعني فضولي الصحفي الى ان استوضح أمرهم، فتبين ان قسما منهم قد عادوا قبل ستة أشهر من خارج العراق أملاً بوعد الحكومة التي طالما أعلنت عنه بإعادتهم الى جامعاتهم السابقة التي تركوها عنوة  بسبب العنف الطائفي عام     2005، والبعض الآخر منهم يمني النفس بتعيين جديد ولم يجدوا ضالتهم حتى اللحظة هذه. وبحكم قربي من المشهد الجامعي أدرك تماماً أن فيضاً كبيراً من التدريسيين موجودون في الجامعات العراقية الآن ولاسيما  البغدادية منها، ما يجعل فرصة تعيين الجدد وإعادة القدماء منهم تكتنفها بعض الصعوبات في ظل صمت الحكومة والوزارة  عن إيجاد الحلول والبدائل لهذه البطالة المثيرة للجدل.اختزنت بذاكرتي هذين المشهدين في وزارة التعليم العالي الى ان قادتني المصادفة مرة أخرى في كلية آداب المستنصرية لأرى ان عميدها قد استحصل موافقة رئاسة الجامعة المستنصرية في ظل فوضويتها العارمة ولا ندري أية رئاسة: الأولى ام الثانية ام الثالثة أم الرابعة؟ (والحبل على الجرار) ليعيد رئيس قسم اللغة العربية فيها المحال على التقاعد والذي جاوز السبعين من عمره الى منصبه العتيد بدعوى الخبرة، مع ان هذا القسم متخم بالأساتذة الأكفاء الذين لا يقلون كفاءة وعلمية وخبرة عن رئيسه الحالي  المحال على التقاعد ليؤكد العميد تعويذته الكبرى التي يرددها في كل حين (نحن نعمل بما يرضي الله)، وهنا نعيد الى أذهانكم سادتي حوار أسعد مع محمد في استعلامات وزارة التعليم لنتذكر معا جدلية بطالة أصحاب الشهادات من الشباب والمهجرين العائدين مع مايقابلها من  جدلية ابرام العقود مع المتقاعدين من قبل عميد آداب المستنصرية بدعوى الخبرة على حساب فرصة محمد وأسعد ومن على شاكلتهما لنرى أية فوضوية وارتجالية يمر بها المشهد الجامعي.