TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : يتعيقل = Showing off

سلاما ياعراق : يتعيقل = Showing off

نشر في: 10 فبراير, 2012: 10:08 م

 هاشم العقابي حين اخترت بلاد الانكليز منفى، بفضل بلادي التي جارت علي وهي عزيزة، واجهتني مشكلة الفهم الدقيق لبعض الكلمات التي يتداولها البريطانيون في لغتهم اليومية. واقصد بالتحديد لغة الشارع او العامية التي يطلق عليها اصطلاحا slang language. فمثلا، من بين تلك الكلمات، التي دخت كثيرا في فهم معناها كلمة Bloody التي يكثر تداولها بين الناطقين بالانكليزية. اذكر
ان  اول مرة سمعتها كانت يوم وصف استاذ لي طالبا عربيا كان قد اتعبه بنقاش، فالتفت الي قائلا: What bloody man is this?. تصورت، بوقتها، انه يريد القول بان ذلك الطالب قاتل او دموي، ففزعت. وبعد مرور أيام وأيام عاشرت بها الانجليز اكثر واكثر أتضح لي ان ما كان يقصده الاستاذ بالضبط هو كما نقول باللهجة العراقية: هذا اشكد طايح حظه؟ حاشاكم الله جميعا وحاشانا من طيحان الحظ.والعنوان الذي اخترته اليوم للعمود، ووضعته بالانكليزية، فهو الآخر وجدته يقابل كلمة "التعيقل" في لهجتنا. هذه "التعيقل" لم اسمعها استعملت في مكانها الدقيق مثلما سمعتها من شاب عراقي صادف انه كان بقربي ونحن نتابع عضو البرلمان السلفي الذي رفع الأذان في اجتماع مجلس النواب المصري. قال الشاب، حين شاهده، بعفوية صادقة: هذا اشكد يتعيقل! صدقت يا ابن اخي واصبت الهدف بدقة، فلا فض فوك.و "التعيقل" باستخدام الآذان ليس بدعة من صاحبنا المصري، فيزيد بن معاوية كان اشطر منه عندما استعمله قبله بأكثر من الف عام للضحك على الناس. ففي اللحظة التي شاهدت بها النائب المصري الذي ربما كان يزايد على الآخرين وكأنه يطمح بالحصول على لقب "بلال البرلمان"، حضر بأذني صوت الشيخ عبد الزهرة الكعبي وهو يصف بصوته العراقي الشجي كيف ان يزيد، حين وجد الإمام زين العابدين قد استحوذ على قلوب أهل الشام وتعاطفوا معه، أمر برفع الأذان لقمع صوته. طريقة لا تختلف عن خدعة رفع المصاحف على الرؤوس في حرب صفين او عن استخدام أسلوب كشف "العورات" الذي ابتدعه عمر بن العاص، كما جاء في بعض كتب التاريخ. انها بالمحصلة النهائية وسيلة لإسكات الآخر وقمعه أو حتى سفك دمه باسم الدين. وان كان "متعيقلو" الأمس قد تسببوا في سفك دماء العباد حتى لونوا  بها الكثير من صفحات تاريخنا "المشرق"، فإن "متعيقلي" اليوم، زادوا على أسلافهم فصاروا يدمرون البلاد والعباد معا. ولو كنت أعلم ان الأمر سيقف عند حدود رفع الأذان، لحمدت الله لي ولكم، لكني اعلم ان هذه هي الـ "اول برو" وما الخوف الحقيقي الا من تاليها.حسجة:جاء في كتاب "زهر الربيع" لآية الله نعمة الله الجزائري، الذي سأحدثكم عنه لاحقا، أن سكرانا عاد فجرا لبيته فسمع مؤذنا يؤذن فلم يعجبه صوته فدخل الجامع وأشبعه ضربا. وعندما سألوه: مالك ومال الأذان وأنت سكران؟ أجاب: لأنه بصوته القبيح أضحك اليهود علينا!كذلك جاء في الكتاب: ان احدهم صلى فأُعجب الحاضرون بصلاته. وحين فرغ من الصلاة تقدموا نحوه واثنوا عليه، فأجابهم: بالمناسبة أنا صائم أيضا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram