علي حسين ماذا كان سيحدث لو أن عددا من النائبات تواجدن أمس في شارع المتنبي للتضامن مع شقيقات لهن، ماذا كان يحدث لو ان النسوة وجدن وزيرة المرأة ابتهال كاصد تقف معهن تدافع عن آرائها وتشرح للمحتجات وجهة نظرها كامرأة وليست كمسؤولة، لعل البعض سيسخر من أمنيتي هذه ويعتبرها ضرباً من الخيال، سألت نفسي هذا السؤال وأنا أشاهد صورا عدة لمسؤولين كبار في أوروبا وأمريكا يصافحون المارة ويتحدثون مع المحتجين ولم يصب احد منهم بمكروه او مرض معد نتيجة اختلاطه بالعامة من الشعب.
صور المسؤولين في أوروبا تحمل الكثير من الدلالات والمعاني وتجعلنا نحن عباد الله المساكين، نشعر بالمرارة والأسى حين نرى عضو مجلس نواب يتلصص علينا من أعلى بناية مهجورة أو حين تنصب خيمة لقائد عسكري فوق إحدى البنايات المطلة على ساحة التحرير ليتفرج على شباب يضربون بالهراوات. بالطبع أنا لست خيالياً حتى ادعوا جميع السياسيين إلى أن يجلسوا معنا ويتمشوا في الأسواق وان تتكحل عيونهم بأكوام "الأزبال" التي أصبحت ماركة مسجلة في كل شوارع العراق، ولن يذهب بي الخيال بعيدا فاطلب من السادة المسؤولين أن يراجعوا إحدى دوائر الدولة لانجاز معاملة بسيطة، فنحن نعلم أن كبار مسؤولينا ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها وحمايتها من غريبي الأطوار أمثالنا، أنا فقط أريد منهم أن يعيشوا مثل البشر العاديين وينظروا حولهم وسيجدون حتماً انهم يعيشون عالماً من الخيال والأحلام. كنت أتمنى على وزيرة المرأة ورئيسة لجنة المرأة في البرلمان ومعهن " نائبات الكوتة " أن يكن أول الحاضرات في التجمع النسوي الذي اقامته مؤسسة المدى امس في شارع المتنبي، ان ينزلن من ابراجهن، ولا يهوّن الأمر، ولا يقلن إن العراق فيه ملايين النسوة ولا يضره أن تغضب بضعة آلاف منهن ستطلق عليهن الوزيرة حتما لقب " متبطرات " او عاصيات لدينهن لخروجهن من البيت دون الحصول على اذن من احد القيمين في البيت. يحاول بعض ساستنا التعامل مع الاحتجاجات بمنتهى الاستخفاف والاستفزاز لمشاعر المحتجين حين يطلبون منهم أن يظلوا صامتين راضين داعمين لمهرجان الشعوذة السياسية المنصوب في معظم مؤسسات الحكومة تحت شعارات مضحكة من عينة "أننا بلد ديمقراطي"، أو "أن الديمقراطية في العراق هي التي أشعلت فتيل التغيير في العالم العربي". والأكثر استخفافا واستهزاءً بعقول الناس أن يقال إن مثل هذه الحملات الكوميدية مجرد اجتهادات من سياسيين استبد بهم العشق للحكومة فخرجوا يحملون أرواحهم على أكفهم جهادا في أن تبقى الحكومة بقراراتها الغريبة جاثمة على قلوب العراقيين.ومن باب التذكير والإعادة القول إن الناس هم أصحاب القرار وهم الذين يصنعون الحكومات وهم الذين يسقطونها، ومن هنا يصبح من حق العراقيات اللواتي خرجن امس للمناداة بالمساواة والعدالة الاجتماعية الاستجابة لمطالبهن المشروعة.فالعراق لن يصيبه إعصار تسونامي لو تراجعت لجنة تطوير المرأة عن قراراتها المضحكة. واعتقد أن كلمة "لا" التي أطلقتها نسوة العراق امس بوجه وزيرة الكوتة، لا تعني أنهن أصحاب أجندات خاصة أو يسعين الى تنفيذ انقلاب عسكري ضد حكومة المالكي. سنقول مع المحتجات: لا لوزارة المرأة التي أثبتت فشلها، لان مصائر نسوة العراق لا يمكن أن تترك لإرادة امرأة لا تؤمن بحق النساء في المساواة وسوف نصرخ جميعا بصوت واحد " لا وألف لا لمسؤولين يسرقون ويزورون وينشرون الطائفية والانتهازية باسم الحشمة والتقوى والدين والاخلاق". السيدة وزيرة " الكوتة " حظك سيء، لكنها لعنة المسؤولين الذين يخافون شارع المتنبي.
العمود الثامن :وزيرة " الكوتة " تخاف شارع المتنبي
نشر في: 10 فبراير, 2012: 10:43 م