TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > من داخل العراق :اكو فد واحد!

من داخل العراق :اكو فد واحد!

نشر في: 11 فبراير, 2012: 08:00 م

 وائل نعمة لا أعرف متى كنا في العراق نخشى النكتة؟ ربما النظام الصدامي الشمولي كان يرتاب من مزح شعبية يطلقها الناس في جلساتهم الاعتيادية - العلنية - للتسلية ومعظمها كانت تتحدث عن أوضاع الحياة اليومية ويعدها الحزب سياسية تآمرية والجمهور طابور خامس ،عالجها النظام السابق بالطرق الاعتيادية التي يعالج فيها كل ما يسيء إلى إمبراطوريته، فالجناح الأمني للبعث وفرقه القمعية المتنوعة وقفت فوق السنة المواطنين وفتحت آذانها لتلتقط كل كلمة تهدد امن القائد،
قابلها زيادة وتيرة النكت السرية ضد النظام وصارت كما يطلق عليه علماء النفس "الممنوع مرغوب" وأضحت متنفسا للشعب المغلوب على أمره، ولم يخجل النظام من قطع لسان أو زج أشخاص في السجون عن نكته تتحدث حول (طلب مواليد للاحتياط في الجيش أو إهمال يحدث في قطاع حكومي)، لاسيما الكهرباء فكانت من الخطوط الحمراء التي تذهب بمن يمس سمعتها بكلمة وراء الشمس ! ...بعد سقوط صدام راج سوق النكتة السياسية في العراق بشكل مبالغ به – كما كل شيء في ذلك الوقت  – وراحت تختلط الحقب الزمنية في سردها بين زمن القائد الضرورة والحواسم وبريمر والأمريكان ومجلس الحكم ولم تبتعد عن "الثيمة " التقليدية في حديثها عن بساطة أهل الجنوب وحرص الموصل وضعف عربية الكرد وكرم الدليم .ظننا نحن العراقيون بان الحرية فتحت أذرعها بعد 2003، فذهبنا نتحدث في الشارع وفي الصحف وعبر الفضائيات عما أعتبر انه حقنا المستلب وامتيازات المواطنة متكئين على دستورنا  الذي يكفل حرية التعبير ويتقاضى المسؤولون الملايين بفضله ، لكننا نسينا أن من "هوّس" لصدام في ذلك الوقت ما زالت قدمه "تحكه" على الرقص ، فأمسك بمقص "المصلحة العامة ،الآداب العامة ،الحشمة " وقفز فوق الدستور  ليبتر ما بقي من هامش الحريات ويعيد لنا "طلفحيات" ذلك الزمان، وحول الشباب المطالبين بالإصلاح وتوفير فرص العمل إلى مأجورين وثلة ، وحشرهم في صناديق الهمرات، حتى النكتة المجانية التي تقرب الجمهور من بعضهم صار فيها محاذير !! فأنا أشاهد كما الكثيرون من الشباب  برنامج "اكو فد واحد " على قناة السومرية  ، وعلى الرغم من اختلافنا في تقييمه فنيا إلا انه خروج على نص الأخبار المحبطة والمسببة لتهيج القولون ومناظر الدم وبكاء الأرامل ، ومن خلال متابعتي للبرنامج أشاهد المقص نفسه يلوح من خلف الكواليس، فمرة يعترض على وجود شابة تقف لتتمايل بخجل مع "الدي جي" فلم اعد أراها مرة أخرى لان "أبو فلان زعل" ، ومرة يسكت صوت "المنكتين" عن انتقادهم للوضع الحالي لان "أبو علان اخذ على نفسه "  ، فوجدتهم يتخلصون من الإحراج او التهديد برمي زمن النكتة إلى مرحلة سابقة في ستينيات او سبعينات القرن الماضي ، لأنهم لو عبروا تلك المرحلة لربما اتهموا بأنهم "صداميون". لا أدافع عن البرنامج ولا تربطني علاقة بأحد المقدمين او الضيوف ولكني استنتج بأنهم يتعرضون لضغوط ، و"التابوات " تزداد والخطوط الحمراء تؤشر تحت الكثير من المواضيع ... إلى هذا الحد وصلنا بسياسية "خنق الناس"، أخشى على "نكتتنا " أن توضع في قائمة جديدة من ضمن قوائم لجنة النهوض بواقع النكت التي تتبناها وزارات " المزركش " ويطالبونها بالاحتشام!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram