حازم مبيضين بنفس طريقة القذافي الأب, الذي كان يكذب ويصدق كذبته, حين كان يهدد بزحوف مليونية للقضاء على الجرذان, وصولاً إلى زحوف مليونية خاصة بالنساء, للقضاء على التدخل الأجنبي, وعبر دعوات للشعب للانصراف إلى الرقص والمرح والفرح, طلع علينا ابنه الساعدي, مبشراً بعزمه العودة الى ليبيا، التي هو متأكد أنها ستشهد انتفاضة على السلطات الحاكمة منذ إطاحة والده, بعد ثورة عارمة,
بذل فيها الليبيون كل جهدهم, وضحوا بدمائهم في سبيل إنجاحها, والتخلص من حكم العائلة, الذي جثم بكل بشاعته على صدورهم أكثر من أربعين عاماً, أذاقهم فيها الويلات, وزج بلادهم في مغامرات مجنونة, عزلتهم عن بقية شعوب العالم, وقذفتهم إلى مجاهل ملوك إفريقيا القبليين, الذين توجوا زعيم الثورة العالمية, وصاحب النظرية الفلسفية الثالثة, ملكاً عليهم وزينوا رأسه بالريش.لاندري نحن, والمؤكد أنه هو نفسه لايدري, على أي إحصائية استند القذافي الابن, في حديثه الهاتفي من منفاه النيجيري, مع فضائية العربية, حين أكد وبكل ثقة أن سبعين في المئة, من الموجودين في ليبيا, ولم يقل من الليبيين, غير راضين عن الوضع الراهن, وأن هناك انتفاضة تكبر كل يوم، وهي ستعم كافة أنحاء البلاد, وبشر ما تبقى من أنصار والده المؤمنين بالكتاب الأخضر, أن عودته إلى ليبيا ستكون في أي لحظة، وأنه سيعمل على منع عمليات الانتقام والثأر, وبمعنى أن الوهم القيادي لشخصه مازال مسيطراً, مع أنه هرب قبل غيره, وهو حاول الابتعاد عن القارة الافريقية كلياً, حين حاول قبل بضعة أشهر الدخول بهوية مزورة الى المكسيك, للعيش في بحبوحة, توفرها له أموال الشعب الليبي المنهوبة, لكن السلطات المكسيكية اكتشفت الامر وأحبطته.نسي الساعدي فكر العصابة العائلية, الذي اعتنقه والده لأربعين عاماً, والذي اعتبر ليبيا مزرعة خاصةً يتقاسمها الأبناء, ويجنون خيراتها, ويبذرونها على نزواتهم المخجلة, حين انتقد المجلس الوطني الانتقالي, الذي يدير شؤون البلاد والعباد, واصفاً إياهم بالعصابات, التي نجم عن توليها السلطة احتقان كبير، وأن أبواب مخازن السلاح, التي ظل القذافي الأب يهدد بفتحها للجماهير, قد انفتحت بعد موته على مصاريعها وأن السلاح موجود في كل مكان، وأن الشعب الليبي لا بد وأن يقضي على هذه العصابات, وهنا فقط خرج على النص الذي أطلقه الوالد وتبناه شقيقه السيف الخشبي, بوصفهما للثوار بالجرذان والكلاب الضالة, ولعله هنا يحاول القول إنه مختلف عنهما, أو أنه أفضل منهما بعدم اللجوء إلى تلك اللغة الساقطة.الساعدي القذافي, الذي قاد الكتيبة 48 في محاولة بائسة للقضاء على الثورة, والذي لاتتذكره بالخير مصراته على وجه الخصوص, لم تسعفه شجاعته على خوض المعركة حتى نهايتها, وبمجرد تأكده من سقوط طرابلس, وسيطرة الثوار على ثكنة باب العزيزية, فر تحت أستار الظلام إلى النيجر, هذا الساعدي لم يكن حتى مشروع رجل دولة, وهو المنصرف بعد أن بلغ من العمر عتياً إلى ملاعب كرة القدم, بحثاً عن أمجاد رياضية, مستعيناً بالمنشطات, التي لم تسعفه على الاستمرار على أراضي الملاعب الأوروبية, أكثر من عشرين دقيقة, رغم أنه يمتلك بفلوس الشعب الليبي النادي الذي يخوض المباراة, والذي قاده إدمانه إلى قتل لاعبي النادي الأهلي, لأنهم تجرؤوا على هزيمة فريقه, وكان ماجناً بكل المقاييس, يسعى اليوم لطرح نفسه وريثاً لبلاهات وهلوسات أبيه, ولعله يجهل, أو هو جاهل بالفعل أن التاريخ لايرجع للخلف, وأن الأمور اليوم عادت إلى طبيعتها المنطقية, وأن الليبيين يحكمون أنفسهم بأسلوب عملي وعصري, يتجاوز أفكار المؤتمرات الشعبية.
في الحدث :السـاعـدي الـقـذافي.. الابـن سـر أبـيـه
نشر في: 11 فبراير, 2012: 09:22 م