TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : القمة العربية وهدم الحواجز النفسية

سلاما ياعراق : القمة العربية وهدم الحواجز النفسية

نشر في: 12 فبراير, 2012: 10:55 م

 هاشم العقابي من حق العراقي ان يتطلع لعقد مؤتمر القمة ببغداد في موعدها، رغم علمه بانها لن تعيّنه ان كان عاطلا. أو تجلب له كهرباء تحميه من الحر أو نفط أبيض يقيه من البرد. ولا اظن ان عاقلا واحدا فينا حلم بانها ستسهم في إنهاء مسلسل المفخخات وما منّ به علينا الكونكريت من صبات، حتى لو حضر القمة معمر والسادات. فمن عاش مات ومن مات فات، من اليوم الذي غنى فيه مطربنا: "فوت بيها وعالزلم خليها".
 مع هذا يظل عقد مؤتمر القمة في بلادنا، من وجهة نظري، ذا قيمة مهمة. لا لأسباب اقتصادية أو "وحدوية" أو سياسية، بل لأسباب نفسية محضة. فذاكرة العراقيين النفسية، لا يمكن ان يبارحها التشاؤم الذي خلفته فيها آخر قمة عقدت ببغداد في العام 1990، التي شهدت اول بوادر التوترات بين العراق ودولتي الكويت والإمارات العربية. توترات تحولت، فيما بعد، الى هزّة صبت على رأس العراق واهله ما لم يصبّه اشد الأعاصير والبراكين على رأس أي بلد أو شعب، لا من قبل ولا من بعد. كان العراقي يتوقع من جيرانه، العرب وغير العرب، ان يرحموه ويعينوه على النهوض بعد خلاصه من حكم صدام. وهنا أخص من مسته نار حروب صدام بشكل مباشر، كالكويت وايران، أو بشكل غير مباشر، كدول الخليج وبعض من الدول العربية.  لكن ما زاد في جرح العراقي ألما وعمقا هو أن أيا من هؤلاء، شعوبا وحكومات، لم يتعامل مع العراقيين كضحايا بل كجلادين يستحقون اقسى انواع العقاب. فمن خلال اسفاري المتعددة في بلاد عرب الله، يكاد لا يمر علي  يوم الا واجد به مصريا أو فلسطينيا أو سودانيا يعترف لي بان لحم اكتافه كان من خير العراق. ولا يخجل ان يؤكد بانه كان في رغد من العيش قبل احتلال صدام للكويت، لكن حاله اليوم اقرب لحال الشحاذ بسبب ذلك الاحتلال. ومع هذا يقول لي: "كان صدام "يرحمه" الله بطلا" أو "انكم يا أهل العراق غدرتم بصدام كما غدرتم بالحسين من قبل"، فتستحقون كل ما حل ويحل بكم. أما الإيرانيون فقد يقولون مثل ما يفعلون بنا اليوم.  ولأن العراقي ذنبه "العظيم" هو انه لم يقف بوجه امريكا يوم هجمت لتخليصه من طاغية ملأ بطن ارض بلاده بالمقابر الجماعية وجوعه وأذله، بما لم يذل به قبله "بنو جديس"، صار العرب، خاصة الحكام، لا يتقبلونه ان زارهم ولا يلبون دعوته إن دعاهم. وفي مقابل ذلك لم يبخل بعضهم بتصدير الانتحاريين والذباحين عبر حدوده ليأتوا على ما تبقى بالعراق من حرث ونسل. لقد نسي الحكام العرب، وللأسف، بقصد أو بدونه، ان ما يفعلونه قد جرح كرامة العراقي. وانهم اذا استمروا يرفع سلاح المقاطعة سيحولون حاجز القطيعة الى جدار كره؟ والكره، علة نفسية قد يستحيل  علاجها ان طال بها الزمن. انني ارى في القمة، ان عقدت ببغداد، فرصة لهدم الحواجز النفسية بين العراقيين والعرب. وسيكون لها دوي في نفوسنا قد يتجاوز ما أحدثه فيها هدم جدار برلين أو أدوى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram