TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس:طلفاح يخرج من قبره

قرطاس:طلفاح يخرج من قبره

نشر في: 13 فبراير, 2012: 08:37 م

 أحمد عبد الحسين وزارة الداخلية منشغلة هذه الأيام بظاهرة "الإيمو"، تتهيأ لشنّ حملة شعواء على الشباب والشابات الذين تستهويهم هذه الظاهرة، وهي ـ لمن لا يعرفها ـ مجرد تقليعات غريبة في الملابس والاكسسوارات وقصات الشعر، لكنّ مدير عام مديرية الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية صرّح امس للمدى ان "الإيمويين" هم عبدة الشيطان! وهو أمر ليس صحيحاً، ثم ربطها بالشذوذ الجنسيّ وهو أمر آخر غير صحيح.
مفارز الداخلية التي "اكتشفتْ" هذه الظاهرة، كان يجدر بها أن تتعرّف عليها أكثر، ليس في الأمر عقيدة، كما لا علاقة لها بالأخلاق، فهي ليست ديناً، وليس فيها دعوة للشذوذ، إنها محض طريقة سلمية في الرفض يمارسها شبان لا يؤمنون بالعنف، فهم في تلك السنّ التي تكون عواطف الإنسان فيه مشبوبة ولديه فائض رغبة في تغيير العالم؛ وحين يدرك عجزه عن ذلك يبدأ بإجراء تغييرات على جسده هو بالذات: كالتاتو مثلاً والزيّ والاكسسوار الغريبين وقصات الشعر المثيرة للانتباه، ولا شيء وراء ذلك.الهجمة التي تعتزم الداخلية شنّها على هؤلاء الصبية والصبايا "المرعوبين أصلاً من قوى الارتكاس المجتمعيّ التي تدّعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" هجمة ليست في محلّها وهي تشعرنا بالخيبة لأنها تذكرنا بالهجمات التي كان يقودها الحاج خير الله طلفاح في سبعينيات القرن الماضي ضدّ النساء السافرات وضدّ تقليعة "الهيبيز" التي أشاع "خال الريّس" وقتها انها ضدّ الدين ومرتبطة بالماسونية وربما بعبادة الأعور الدجال.ما لا تعرفه الداخلية ان الرفض مكوّن أساس في تكوين كلّ فتى، هو طبيعة متأصلة فيه بسبب كونه يفتح ذهنه وحواسه توّاً على عالم لم يفهمه تماماً، وهذا الرفض إنْ لم يتحْ له أن يتسرب في تقليعات مجنونة لكن غير مؤذية، فإنه سيتخذ له مسارب كارثية، إنه كالنهر الذي إذا سددتَ مجراه حفر له مجرى آخر.هل هناك من يمكنه أن يشرح لضباط الداخلية طروحات فرويد حول الرغبة السلمية في الموت، وكيفية تقنينها والتسامي بها؟ فشعار كلّ فتى هو شعار ثورة الطلبة في باريس عام 1968 "اقلب عاليها سافلها" لكنه يدرك ان ذلك مطلب سيكون أجمل لو ظلّ في حدود الشعار واستعيض عنه بقلب الجسد والاشتغال عليه، جسد الشابّ سبورته التي يخطّ عليها تعاليمه، وهي تعاليم سلمية، وتعاليم كهذه "كتقليعة الإيمو التي لم تفهمها وزارة الداخلية" هي أجمل وأشرف وأقرب الى الله من تعاليم تجعل أجساد الآخرين سبورات لها قتلاً وتفجيراً وتفخيخاً وتقطيع أوصال.اليوم عيد الحبّ ايها الأخوة، اتركوا الشبّان يحتفلون بأجسادهم، بمهرجان دخولهم وتعرّفهم إلى العالم، إذا ضيقتم الخناق عليهم فإنكم تغامرون بجعلهم أعداء لا لأجسادهم وإنما لأجساد وأرواح الآخرين، لا تملوا عليهم فرمانات بما يلبسون، لا تدخلوا أنفسكم لتكونوا قضاة في محاكم ضميرٍ، واعلموا ان ما يُكبت بسببكم سيظهر لنا ولكم في المنعطف القادم على هيئة كارثة، وليس أكثر كارثية الآن من انبعاث الحاج خير الله طلفاح من بين الأموات.الجهود والأموال التي ستبذلونها لـ"مكافحة" الإيمو ستذهب هباء، الأجدى أن تحوّل لمشروع مكافحة أفكار هدّامة تتقنع بالدين وتهدد فعلاً ـ لا افتراضاً ـ حياة معتنقيها والآخرين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

كتائب القسام تعلن "استشهاد" قائدها محمد الضيف

ترامب: لم ينج أحد من حادث اصطدام المروحية وطائرة الركاب قرب مطار ريغان

"الاتفاق غائب".. تعديل الموازنة يدفع الى انقسام نيابي

برشلونة يعلن رسميا تجديد عقد بيدري حتى 2030

مكتب السيستاني: يوم غد الجمعة هو الأول من شهر شعبان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram