 هاشم العقابي لو كان تاريخ الحب يعرف الإنصاف بحق لمنح المرأة العراقية، من دون كل النساء خاصة العربيات منهن، وسام الحب من الدرجة الأولى في يوم العاشقين (الفالنتاين). فبنات العراق سبقن كل نساء العالم بغزلهن الشعري من أيام سومر.  لقد كان "الدارمي" الذي يعني "غزل البنات أو أشعارهن، باللغة السومرية، سجلا إبداعيا تناقلته العراقيات شفاهيا بأغان رسمن من خلالها أجمل معاني العشق والوله واللهفة الممزوجة بلوعة الحرمان والخوف على الحبيب.
 يكفي أن الشاعرة العراقية الجنوبية انهدوانّا تعد أول شاعر بالتاريخ عرف بالاسم قبل أكثر 4050 سنة. وان كانت النساء في بعض الأمم يتميزن بخاصية عن غيرهن، كالايطالية التي اشتهرت بأنها زوجة متفانية، والهندية بأنها كادحة، فان العراقية، تتميز بأنها أخت وعاشقة من الطراز الأول. فالعراقية وان تشعر باليتم، كأي امرأة، حين تموت أمها أو يموت أبيها،  لكنها ترى اليتم الحقيقي في فقدانها أخيها. ولعل ذلك سببه يعود إلى أيام بكاء انانا (عشتار) على فراق أخيها دموزي (تموز). وقد يرتبط أيضا بلوعة العقيلة زينب يوم فقدت أخاها العباس ومن بعده الحسين. خذوا نواعي زينب على فقد أخويها، في "المقتل" فستجدون كأنها ولدت وعاشت بالعراق لا بالحجاز. عراقية من أب وجد.وحتى عندما تحب وتعشق، فإنها تجد في الحبيب بعضا من رائحة الأخ فتخاطبه بـ"خوية" أحيانا. وهذا أيضا قد يكون مرده إلى ان أنانا كانت تنادي حبيبها دموزي: يا أخي. وها هي واحدة منهن تحذر حبيبها:خويه امي ما ترضاش     لا تمر بينهالـواشـي  والنمـام      ياخذ حجينهومن طباع العراقية بالعشق، كما يستشف من شعرها، إنها تتعامل مع الحبيب وكأنه ابنها حتى لو كانت صغيرة على الحب. فكما الأم التي مهما كبر ابنها يظل بعينها طفلا تخاف عليه وتحرسه. كهذه التي تقول:ربي استر أعله اهواي     من ممشه الغروبجاهل وخاف اعليه    ما دايس ادروبوهذه أخرى تستغرب ان أم حبيبها تخاف عليه وهو عند حبيبته:عندي وتخاف أعليك    وتدورك أمك؟موش ابسواد العين    بصبيها أضمكأما هذه العراقية، فترى ان رابطة الأمومة مع حبيبها اكثر مما هي عليه مع ابنها البيولوجي. لذا نجدها في البيت التالي تناشد خالتها أن يزدن من اللطم أكثر لأنه الميت هو الحبيب الابن وليس من حملته ببطنها:دكن ولطمن حيل    خالاتي ويايموش ابني هذا المات    الميت اهوايوآه من هذا الحبيب لو صار صغيرا قولا وفعلا، ليفضحها بين الناس فتناشده بغضب، لكن برقة ودفء:خويه انتهت وياك    اطني التصاويرفاضحني بين الناس    يالبعدك ازغيروان كان تاريخ الحب قد ظلم العراقيات ولم يرفع شيئا من اشعارهن شعارا في يوم الحب، فهن ايضا قد ظلمن انفسهن. كم كنت اتمنى ان يخرجن في هذا اليوم بتظاهرة عشق يرددن بها اجمل ما قلنه بالحب شعرا وغناء. وان "اجتهد" او ضحك عليهن احد بحجة ان الحب حرام، فها انا اهديهن قول عالم ديني افتى بجواز الحب في هذا البيت من الابوية:علي مرن وفاتن وانشدنيخذن عكلي ودليلي وانشدنيانا العالِم تعالن وانشدنيبذمتي ما على العاشك خطية