اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > عيد الحب: يوم (عابر) فـي الحياة العراقية

عيد الحب: يوم (عابر) فـي الحياة العراقية

نشر في: 15 فبراير, 2012: 07:32 م

 بغداد/ عبد الكريم العبيدي في الساعات الأولى من نهار (عيد الحب) ببغداد، كان كل شيء على حاله. (عمال المسطر) في قلب بغداد (الباب الشرقي) يقفون كعادتهم فرادى وجماعات الى جانب أدوات عملهم، يحدقون في وجه أي (أفندي) عابر ويقرؤون ملامح وجهه، عسى أن يشير الى أحدهم فيحمر وجهه ويبتهج لتلك الإشارة الدالة
على فرصة عمل استيقظ منذ الفجر وتوكل على الله لاستقبالها وتصور أجرها الذي سيعود به الى أسرته التي لا تعرف الحب ولا عيده في نهار ذلك اليوم.لا عيد للحب هنا، لا وردة حمراء، ولا بطاقة للمعايدة، الملابس الرثة ذاتها، وملامح (الضيم) كما هي، وانتظار (غودو) سمة المسطر منذ عقود.ترى ماذا سيحدث لو تجرأ صحفي وسأل أحدهم عن عيد الحب؟! ، وكيف سيكون الحوار مع أفواه جائعة ووجوه مصعوقة ما طالها الفرح لحظة؟ ولكن حدث ذلك، و(طقطقت) الإجابات، بل قل انفجرت وتناثرت، وكانت علاقة الردود مع عيد الحب تشبه المثل العراقي الساخر: (شنو علاقة الجلاق بالدولمه) ؟! نعم، هكذا كانت الردود، بعضهم ردّ مستغربا: (شنهي؟! عيد الحب؟! ، عمي يا حب يا بطيخ!؟، آخر قال: (امشي عليك "العباس" ما تعوفنه ابضيمنه وتروح)!!، ثالث ردّ ساخرا: (شوف هذا البطران اشجاي يسأل)!؟، وحين انتقلت الردود سريعا (كالعادة) إلى طور العنف وهتف عاطل عجوز كان يجلس متقرفصا لصق جدار: (مال صخريه ماو واتنكره بعرج الاذن).في تلك اللحظة بالضبط سكت الصحفي عن الكلام المباح حين أدركه (الصياح)!فالنتاين (آخر زمان)!غالبية أسواق بغداد خلت من مظاهر عيد الحب، المتبضعون والمتسوقون يبحثون كعادتهم عن حاجات منزلية وأطعمة وفواكه وخضروات، وثمة من يتجول في الأسواق بحثا عن حاجات مختلفة لكنها في عمومها لا تشمل مفردة (للحب وعيده)، (نشاز) صارخ ويتيم واحد لوحظ في أحد التقاطعات، كان بطله شاب نحيف يلوح بأغصان الورود الحمراء ويهتف: (الوردة بألف، وينهم العشاك، وينهم)؟، ومثل ذلك (النشاز) بدأ يتكرر قرب السيطرات التي غالبا ما تشهد زحاما كثيفا، وتتوقف السيارات لدقائق طويلة، أحد الراكبين في سيارة نوع (كيا) مد يده في جيب دشداشته ليشتري غصنا وردد: (والله هذا العيد طلعنه صفح)!لكن عيد الحب أو عيد العشاق أو "يوم القديس فالنتاين" هو (هناك)، في دول أخرى عديدة يغدو كل عام مناسبة يحتفل بها الكثير من الناس، وفي البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، يعتبر اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور أو الحلوى لأحبائهم. وتشير الإحصائيات التي قامت بها الرابطة التجارية لناشري بطاقات المعايدة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن عدد بطاقات عيد الحب التي يتم تداولها في كل أنحاء العالم في كل عام يبلغ مليار بطاقة تقريبا، وهو ما يجعل يوم عيد الحب يأتي في المرتبة الثانية من حيث كثرة عدد بطاقات المعايدة التي يتم إرسالها فيه بعد عيد الميلاد. كما توضح الإحصائيات التي صدرت عن هذه الرابطة أن الرجال ينفقون في المتوسط ضعف ما تنفقه النساء على هذه البطاقات في الولايات المتحدة الأمريكية!خليهه سكتة!ربما عثرت أغنية الموسيقار محمد عبد الوهاب "يا ورد من يشتريك" على مكان صغير لها في السوق، حيث بادر بعض الشباب بشراء الورد الأحمر لتقديمه (خلسة) لنصفهم الآخر (عربون حب).محال بيع الورود شهدت إقبالاًً محدوداً، (الواحد يحجي ضميره)، شابات وشباب، وطلبة اشتروا علبا جميلة مختلفة الأحجام والأسعار، تحوي بداخلها دبا وورودا حمراء وأشرطة جميلة، وبالغوا بشراء أغصان الورود الحمر، ولأول مرة بدا الحوار معهم يحمل لمسة عيد الحب، بعيدا عن مفردات (البطران والضيم والصخريه ماو)، لكنهم امتنعوا جميعا عن ذكر أسمائهم أو التقاط صور لهم، وكأنهم سيتحدثون عن أخطر القضايا الساخنة حساسية، طالبة جامعية قالت: (عيد الحب مناسبة جميلة، ولكنها جديدة على مجتمعنا، ولذلك تبقى مظاهرها محدودة على نخبة معينة، أنا أحتفل بهذه المناسبة كل عام، أتبادل التهاني وبطاقات المعايدة وأغصان الورود، وما أحمله بيدي الآن بيدي سأهديه لوالدتي وشقيقتي...،- والصديق؟- Stop، لا تعليق)!!طالب آخر بدا أكثر حماسا وتفاعلا مع الحب، قال: مشكلتنا أننا لا نحب الحياة!، نحن نعشق الحزن، وهذا ناتج من كثرة المصائب والمحن والحروب التي عاشها الشعب العراقي، ولذلك يبدو عيد الحب طارئا علينا، ولا يتقبله الكثير من الناس، وحتى نحن الذين اشترينا هذه الهدايا سنخفيها في أكياس سوداء لنتجنب النظرات الساخرة وعبارات التهكم من البعض، والغريب أن الكثير من المثقفين أيضا لا يتفاعل مع مناسبة هذا العيد بفاعلية، وتراه يبتسم، بل يسخر أحيانا منه، فما بالك بالأميين والبسطاء والفقراء؟، "احنه حسبتنه داجه")!طالب في الصف السادس الإعدادي بيّن أن احتفاله بالعيد ينحصر في غرفته، وقال: (قبالة شاشة الحاسبة أشعر فقط بعيد الحب، الفيسبوك والمنتديات والمواقع الإلكترونية تشعرني بان هناك عيدا اسمه عيد الحب، وهناك نتبادل التهاني ونرسل باقات الورود الحمراء ونطلق النكات والطرائف عن عيد الحب، فعلى الغوغل والياهو رسائل عيد الحب 2012، وصور عيد الحب، وخلفيات عيد الحب)، وأضاف: (في العديد من ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram