TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: دراويش الحكومة

العمود الثامن: دراويش الحكومة

نشر في: 15 فبراير, 2012: 10:40 م

 علي حسينفي كل أزمة تواجه الحكومة يسارع عدد من المقربين والمنتفعين إلى ارتداء زي الوعاظ ليتحولوا في لمح البصر إلى دراويش كل يفتي بما يروق لولي الأمر والنعمة الذي بيده مقاليد السلطة ، وما على الرعايا إلا الطاعة والتسبيح بحمده ليل نهار ، بل ذهب الخيال بالبعض أن تصور نفسه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ هذا الشعب المارق وإخراجه من الظلمات إلى النور .
طريقة ساذجة للغاية في توظيف الدين لمحاصرة أي ظاهرة سياسية أو اجتماعية تؤرق المسؤول أو تزعجه ، وكأن إقدام المواطنين على المطالبة بالخدمات والحريات ، قضية دينية فقط، مقطوعة الصلة بالعديد من المشاكل والمساخر السياسية والاقتصادية، التي أوجدتها سياسات حكومية مختلة .يريدون أن ينشغل الجميع بالقشور دون الغوص في جوهر المشكلة ، بحيث ينصرف المجتمع كله إلى مناقشة حكم رفع الاذان اثناء جلسات البرلمان كما اتحفنا به احد إسلاميي مصر الذي يعتقد مثل دراويشنا ان التقرب الى الله يتم فقط من خلال الشعائر والطقوس متناسين ان التقرب الاهم الى الله يتحقق بنفع الناس وخدمتهم وتحقيق مصالحهم. إن أي عاقل يدرك جيدا أن قرارات الحكومة والعديد من مؤسساتها ، تدخل في باب النصب والتدليس السياسي، مثلها مثل محاولات الدراويش إرجاع مشاكل العراقيين برمتها إلى ضعف الوازع الديني  متجاهلين عمدا ضعف الحس السياسي وتبلد الشعور بالمسؤولية الأخلاقية عند المسؤولين .إن استدعاء الدين وتسخيره لخدمة المصالح الشخصية لعبة خطيرة أقرب إلى اللعب بالنار، خاصة إذا كان المقربون من السلطة لا يتذكرونه إلا عند الدفاع عن ممارساتهم الخاطئة تجاه الشعب، لماذا لا يحدثوننا عن حكم الدين في المحتكر، والفاسد، والمزور، والناهب لثروات البلد والمتجاهل لأحكام القضاء؟ لماذا يتذكر البعض الدين فقط عندما يتعلق الأمر بأمنه وبقائه في السلطة، وينساه عندما يتعلق بحقوق المواطنين وما يرتكب في حقهم من جرائم؟يريدون توظيف الدين عنوة لتبرير القهر السياسي وغياب الخدمات وتراهم يستحضرونه في الحديث عن مخططاتهم لتحويل مدن العراق إلى ولايات متخلفة تفتقر إلى ابسط شروط الحياة الكريمة ، فيما يستبعدون الآيات الكريمة التي تجعل الجهاد ضد الظلم وسرقة أموال اليتامى والمساكين، واستغلال السلطة للمنافع الشخصية فرضا على الجميع، أين يقف الدين من نائب يحصل على مخصصات سكن تبلغ ثلاثة ملايين دينار شهريا ، فيما تسكن الاف العوائل في بيوت من الصفيح ، اين يقف الدين من مسؤول يوزع الوظائف والمناصب لابناء عشيرته فيما مئات الالاف من الشباب يقفون على ابواب البطالة والعوز.  يدرك العراقيون جيدا ان الخطر الذي يواجههم اليوم هو سياسيو الفتاوى الذين يسعون إلى قتل الروح الوطنية في النفوس والقوانين والإجراءات، الخطر الحقيقي من دراويش الحكومة الذين يتعاملون مع قضية الحريات والخدمات بمنتهى الانتهازية والنفعية، فهذا السياسي يستفيد من الديمقراطية في إشاعة أفكاره الرافضة لقيم الحرية والمساواة ،  وذاك النائب يلوح بالدستور ويخرجه من جيبه ويصرخ في وجه كل من يوجه نقدا لاداء الحكومة، انهم يكرهون الديمقراطية والحرية ، ويمارسون هذه الكراهية كل يوم ، يصنفون الناس على أساس عقائدهم, ويمنحون لانفسهم حق توزيع شهادات الإيمان وصكوك الغفران على العراقيين . دراويش الحكومة كلما ارى سحناتهم من على احدى الفضائيات اتذكر الجواهري الكبير وهو يصفهم ابلغ وصف:  أي طرطرا تطرطري تقدمي تأخري تشيعي، تسنني، تهودي، تنصري أي طرطرا إن كان شعب جاع أو خلق عري أو صاح نهبا بالبلاد بائع ومشتر أو نفذ المرسوم  في محابر واسطر أو أخذ البريء بالمجرم أخذ طرطر أو دفع العراق للذل أو التدهور فاحتكمي تحكمي وتحمدي وتؤجري أي طرطرا تطرطري وهللي وكبري وطبلي لكل ما يخزي الفتى وزمري

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

كتائب القسام تعلن "استشهاد" قائدها محمد الضيف

ترامب: لم ينج أحد من حادث اصطدام المروحية وطائرة الركاب قرب مطار ريغان

"الاتفاق غائب".. تعديل الموازنة يدفع الى انقسام نيابي

برشلونة يعلن رسميا تجديد عقد بيدري حتى 2030

مكتب السيستاني: يوم غد الجمعة هو الأول من شهر شعبان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram