إحسان شمران الياسريبعد أن استمعت إلى شكوى إحدى الفضائيات عن تخصيص قطعة أرض لفضائية أخرى وحرمانها هي، تذكرت حواراً في زمن آخر عن قضية الفساد وآثاره وحواضنه ووسائل مكافحته. كان الحوار يدور حول آثار الفساد وأساليب التعامل معها. وطرح سؤال محدد: "إن كان الفساد قد وقع فعلاً، وظهرت آثاره في أشكال شتى كإيجارات لأملاك الدولة وبيع أخرى، وتعيينات وامتيازات، كيف يمكن إزالة هذهِ الآثار وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه؟".
كانت الإجابة الأسهل أن يُشرّع قانون يؤكد على حق الدولة في استعادة ما ضاع منها بسبب إجراءات يشوبها الفساد.. وكان الحل الآخر هو انتظار زوال مسببات الفساد ورموز الفساد والقوى التي تحميه.. غير أن ممارسات الفساد غالباً ما تُمارَس ضمن أغطية قانونية مناسبة يصعب الكشف عنها من ظاهرها.. خصوصاً عندما يتعلق الأمر بترتيبات مُحكمة تُغطي كل الثغرات في المحررات الرسمية والشكليات. ولا يظهر الفساد وشخوصه إلا في أعين الراصد والحريص ومن له إمكانية الاطلاع على خفايا الأمور.فالمواطن يستطيع استئجار ممتلكات الدولة، لأن القانون يضع إطاراً لهذا، ويضع إطاراً لبيع ممتلكاتها.. غير إن هذا المواطن لا يستطيع استئجار أحد أملاك الدولة في موقع حرج ذي ميزة عالية وبسعر زهيد إلا إذا كان جزءاً من منظومة فاسدة أو متنفذة. ولا يستطيع المواطن اختيار التوقيت الذي يستطيع فيه الشراء أو الاستئجار، أو الكيفية التي تتم فيها العملية إلا إذا كان جزءاً من تلك المنظومة.ومن أجل هذا، ستُعيد أمتنا إنتاج هذا التساؤل مليون مرة: (كيف يمكن إزالة آثار الفساد وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه؟). ففي عِلمِ كل واحد منّا ألف قصة ومُشاهدة ومعلومة نحزن بسببها ونخجل منها ونلوم أصابعنا البنفسجية يوم وقّعت للسيّد والحجي والدكتور والمُلاّ والخاتون والمُلاية وشيخ العشيرة ورجل القانون والمدير التنفيذي للحزب والمنظمة والنقابة.. ثم وجدناهم ينهبون في وضح النهار. إن قصص التشريع المؤجّل أو الأعرج هي الأخرى بحاجة إلى أسئلة أخرى..
على هامش الصراحة: عن آثار الفساد
نشر في: 17 فبراير, 2012: 08:13 م