عدنان حسين يبدو أن السلطات الحكومية بصدد تكرار الخطأ نفسه الذي ارتكبته يوم الجمعة 25 شباط 2011 والعشرات من أيام الجُمع التالية عندما تعاملت مع الشباب الذين نشطوا للتظاهر باعتبارهم أعداءً، وبخاصة بعثيين، فأساءت التصرف معهم على نحو أساء كثيراً إلى الحكومة قبل غيرها والى العملية السياسية برمتها.
السلطات الحكومية أعلنت ضمناً موقفاً مناهضاً لدعوات الشباب إلى إحياء الذكرى السنوية الأولى لتظاهرات 25 شباط بالقول إنها لن تسمح بأي تظاهرات لا تستحصل الموافقات الأصولية. شباب شباط ليسوا بصدد الخروج في تظاهرات غير مرخصة، ولكن ما العمل إذا ما رفضت السلطات المخوّلة بمنح التراخيص المطلوبة؟ السلطات الحكومية لن تُعدم الأعذار والمبررات لتسويغ رفض التصريح ارتباطاً بالوضع الأمني مثلاً. في العام الماضي أطلقت الحكومة جملة من الأكاذيب للحطّ من سمعة المتظاهرين وتشويه صورتهم، تبريراً لإجراءاتها المتعسفة للغاية التي تضمنت حظر التجوال وإنزال القوات الثقيلة إلى الساحات والشوارع، بل لم تتورع عن استخدام الرصاص الحيّ ضد المتظاهرين حتى بعد أن تبيّن على نحو واضح انه لم يكن بين المتظاهرين بعثي أو قاعدي واحد، ولم تكفّ عن ملاحقة بعض النشطاء واعتقالهم وتعذيبهم.من حق الشباب أن يحيوا ذكرى مظاهراتهم السلمية التي رفعوا فيها شعارات اعترفت الحكومة نفسها بأحقيتها ومشروعيتها واتخذت إجراءات وأطلقت وعوداً لتحقيقها، خصوصاً وان الأسباب التي دفعت للتظاهر باقية على حالها تماماً وان الحكومة لم تف بما وعدت وتعهدت به، فلا الأمن ترسخت قواعده، ولا الفساد المالي والإداري أوقف استشراؤه السرطاني، ولا الحصة التموينية تحسنت نوعيتها أو زادت كميتها، ولا البطالة تراجعت مستوياتها، ولا أزمة الكهرباء خفّت وطأتها، ولا الخدمات العامة (المجاري، النظافة، النقل، الصحة، التعليم، وسواها) ولا الزراعة أو الصناعة تحسنت أحوالها ولا .. ولا . بل إن مجلس النواب على سبيل المثال لم يستطع إقرار موازنة العام الحالي بالرغم من مرور أكثر من شهر ونصف الشهر من العام.أكثر من هذا أن الوضع السياسي هو الآن في حال أسوأ مما كان عليه قبل سنة، وهو ما يعني أن كل شيء في البلاد سيبقى على حاله، بل يُمكن أن يسوء أكثر. وهذه كلها أسباب قوية لأن يعود الشباب من جديد إلى ساحة التحرير والساحات الأخرى لإفهام السياسيين القابضين على السلطة إنهم مازالوا مقصرين كثيراً في واجباتهم والتزاماتهم تجاه من انتخبوهم. حتى لا تكرر الحكومة خطأها الشنيع المرتكب في العام الماضي أتمنى على رئيس الوزراء، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، أن يصدر أوامره بتوفير الأجواء المناسبة (السلمية) لإحياء ذكرى تظاهرات العام الماضي والتذكير بشعاراتها ومطالبها، وحفظ أمن التظاهرات وإظهار أن القوات المسلحة لا تقف في الخندق المقابل لخندق الشعب، بل إنني اقترح على رئيس الوزراء أن يُوفد مندوبا عنه الى ساحة التحرير لتحية المتظاهرين والاعتذار لهم عما حدث لهم قبل سنة، فبهذا يمكن لرئيس الوزراء أن يجعل من المتظاهرين أصدقاء له وليس أعداء كما هم الآن.
شناشيل :رئيس الوزراء و25 شباط الجديد
نشر في: 17 فبراير, 2012: 10:52 م