وائل نعمة أعجبتني العبارة الجديدة التي تتوسط مداخل السيطرات الأمنية "الكلمة الطيبة صدقة"، هي بديلة "احترم تحترم" التي اختفت بين ليلة وضحاها، ولا أعرف السبب وراء ذلك؟ ربما سقط أحد أركانها؟! الجملة البديلة موجهة إلى الداخلين عبر دهاليز نقاط التفتيش تترجاهم أن ينطقوا بـ"الكلمة الطيبة" وكأن سائقي السيارات هم من يفتعلوا الزحام وحشر بعضهم البعض بين الكتل الكونكريتية، فيما ينتظرهم رجل الأمن المسكين لكي يمروا وهم منشغلون بالحديث عبر الموبايل،
ويصرخون على بعضهم "امشي...هيش..نزّل الجامة "! أرى الصواب أن يغير اتجاه الجملة إلى داخل السيطرة وليس العكس! عملا باقتراح صديق قديم التقيته منذ أيام وأنا أعود إلى المنزل...عرض إيصالي إلى مقصدي بسيارته الفارهة فوافقت فورا لأني من جماعة "رينو 11" وفي الطريق تحدثنا بأمور كثيرة منها حكايته مع الشرطة سواء في الشوارع وتعمدهم مضايقة الشباب ذوي السيارات الغالية بعدما كانوا في السابق "أيام أبو هدلة" يخشون التعرض للسيارات الحديثة خوفا من أن يكون بداخلها "جماعة الدائرة" ولا اعرف إلى اليوم ما هي الدائرة؟! الأغرب انه سرد لي قصة عن مزاجية احد عناصر نقاط التفتيش أوصلته في آخر المطاف الى احد مراكز الشرطة وهناك دخل في قصة أغرب!مئات إن لم نقل آلاف التقارير الرسمية وشبة الرسمية منذ عام 2003 إلى اليوم تتحدث عن الفساد والرشوة في كل مفاصل الدولة العراقية الجديدة دون استثناء، ومثلها المئات شرحت أساليب التعامل غير الإنسانية في السجون وفي مراكز الاعتقال، آخرها كان لـ"هيومن رايتس وتش " الذي أكد على أن المعتقلين يتعرضون للتعذيب من اجل استنطاقهم بما تريده القوات الأمنية، بالمقابل ينفي المسؤولون العراقيون حدوث هذه الانتهاكات إلى حد وصل بهم إلى الطعن في مصداقية تقارير لمنظمات عالمية تعتمد على دراساتها كل دول العالم.صديقي لم يصل إلى درجة التعذيب، بل انه تعرض لـ"حرك الأعصاب والفلوس"، تصور انك تدخل مشتبهاً بك إلى احد أقسام الشرطة في غرب العاصمة، والأمر لا يحتاج "روحه للقاضي" ممكن التحقيق المهني والعادل أن ينهي الاشتباه ويضعك إما في الحجز أو تخرج باحترام إلى لبيت، ولكن أن يصر ضابط احتجازك على الرغم من ظهور دليل براءتك كالشمس في كبد السماء، فالأمر يحتاج إلى "صفنه"! وأن تحتجز وتتعرض للابتزاز من "أبو إسماعيل" الذي يضع قائمة أسعار سياحية في الداخل: اتصال مكالمة واحدة عبر الموبايل 5 آلاف دينار، بصمة عشرة أصابع بعشرة آلاف "الإصبع بألف"، والاستمارات والأوراق والأقلام من خمسة آلاف وأنت صاعد! وبحسبة بسيطة إن سعر الليلة في حجز مركز شرطة عراقي نجمة واحدة يكلفك خمسين ألف دينار، ولكنه يختلف عن الفنادق بأن خروجك لن يكون بإرادتك بل مرتبط بمزاج الضابط الخفر!.... هل يعقل هذا؟ إلى أي مدى وصل بنا الحال؟ تحولت مراكز الشرطة إلى تمويل ذاتي؟ لم اسمع بذلك من قبل، وإنما كما يعرف الجميع أن وزارة الداخلية تأخذ نصيب الأسد من الميزانية التشغيلية ونثرياتها على الأقل 100 مليون دينار!
من داخل العراق: مركز شرطة سياحي!
نشر في: 18 فبراير, 2012: 08:35 م