لطفية الدليميالقسم الثاني في ملتقى الرواية الذي تحدثت عنه الأسبوع الماضي عرض الروائي الكاميروني الفرنسي (فكتور بواديخو) معاناته من التمييز العنصري في الثقافة الغربية الفرنسية، فهو يعيش في فرنسا ومتزوج من سيدة فرنسية ويحمل الجواز الفرنسي منذ سنوات ولكنه ظل يواجه أنواعاً من التمييز بسبب لونه الأسود – وبعد ثماني سنوات من محاولات تأسيس دار نشر باسمه كان يواجه مرارا بالرفض القاطع من قبل السلطات الفرنسية ما اضطره أخيرا إلى إيجاد شريك فرنسي أبيض ليسجل دار النشر باسمه ويصبح هو الرجل الثاني في المشروع رجل - الظل بسبب العرق واللون.
(خوسيه بن ناصر مونليون) الأندلسي - مدير المعهد العالمي لمسرح حوض البحر المتوسط، قدم محاضرة قيمة تمتلك نظرة شخصية ناقدة للغرب ولطبيعة العلاقات القائمة بين الغرب والآخر، وكانت محاضرته بعنوان (المتخيل وتأريخ تطور المجتمعات) وأكد خوسيه بن ناصر مونليون في محاضرته على أهمية الخيال في خلق الأعمال الراقية التي لا تخضع لاشتراطات الاستهلاك والسوق وأعلى المبيعات ودعا إلى اعتماد (المخيلة) الإبداعية للبحث عن سبل لإنقاذ الروح الإنسانية من الدمار والخراب الذي يحيطها ويلوح لها بالفناء لأنها لا تتطابق مع الطروحات العنيفة للمتطرفين الذين يسعون إلى تدمير الحياة.وقدم البروفيسور العراقي د. وليد صالح خليفة أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة اسبانية محاضرة عن (الكتابة والحرب في السنوات الأخيرة) من وجهة نظر نقدية تحليلية لبعض الأعمال وقدمت محاضرتي عن مكابدات الكتابة وأوضاع المرأة في العقود الثلاثة تحت نيران الحروب والاستبداد والحصار ثم الكتابة تحت وطأة الاحتلال والإرهاب، وعرضت صورة بانورامية عن المنابع الثقافية العراقية المؤثرة في الإبداع العراقي المعاصر ثم قدّم الروائي الكوبي (خوستو باسكو) محاضرة عن مؤتمر (الرواية السوداء) الذي عقد في مدينة (خيخون) الاسبانية وهو تقليد سنوي يبحث فيه الروائيون شؤون الرواية القاتمة والكابوسية والمأساوية الكاشفة عن فظاعات الأنظمة وعذابات الإنسان المعاصر وتتناول الموضوعات المتعلقة بالعنف والحروب والهجرة والاضطهاد، واكتشفت حينها أن معظم الأعمال الروائية العراقية الصادرة خلال العقود الثلاثة الماضية تقع ضمن تصنيف الرواية السوداء.وعقب المناقشون على شهادتي (بأنها رواية سوداء مكتملة لا ينقصها سوى بعض عبارات الربط اللغوية وقليل من التقسيم الدرامي وأشاروا إلى أن محاضرتي أسهمت وبشكل كبير في تعريفهم بواقع الثقافة العراقية وكانوا يجهلون انجازات العراق في الأدب والمسرح والفنون وأشار احد المتحدثين وهو من بوليفيا إلى أنهم لم يكونوا يعرفون شيئاً عن العراق إلا من خلال الإعلام الغربي وبعض شهادات المغتربين الذين يتحدثون عن أنفسهم حسب.وعقب مونليون إلى (أنها المرة الأولى والثمينة التي يستمع فيها إلى سيدة مثقفة من العراق عاشت حروب بلدها واحتلاله وشهدت ما جرى ويجري في وطنها وتمتلك الجرأة لتكشف عن قوة النساء في هذا البلد العريق).وبعد الأمسيات كانت تدور نقاشات واسعة بشأن التجارب الروائية في القارات الثلاث وشاركت بتقديم صورة مكثفة عن الرواية والروائيين العراقيين وخصائص السرد العراقي وأبدى المثقفون الأسبان واللاتينيون والأفارقة اهتماماً كبيراً بالتعرف على الثقافة العراقية، مشيرين إلى أهمية أن يقدم المثقف العراقي صورة مغايرة ومضيئة عن بلده بعد أن أسهم الإعلام الغربي والعربي في تقديم نظرة تعميمية مشوهة عن الشعب العراقي - بتسليطه الضوء على أعمال التخريب والنهب التي طالت المؤسسات لدى احتلال بغداد - ما رسخ هذه النظرة المشوهة في الذهن الغربي الخاضع غالبا لسطوة الإعلام.
قناديل: روائيون من العالم: العنصرية والرواية السوداء ورواياتنا العراقية
نشر في: 18 فبراير, 2012: 08:55 م