حازم مبيضين لا يحتاج أي فلسطيني أو عربي, لمن يذكره بحجم العنصرية المقيتة التي تسيطر على رأس الهرم السياسي في إسرائيل, لكن الوصول إلى هذه المرحلة من الدناءة والدونية وفقدان الإحساس بالإنسانية, التي دفعت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لنشر تعليقات عنصرية في صفحته على الفيسبوك بعد حادثة اصطدام حافلة مدرسية في القدس المحتلة لقي فيها عدد من الأطفال الفلسطينيين ومعلمتهم مصرعهم,
حيث عبر عن ارتياحه بأن كل القتلى من الفلسطينيين وأنه يتمنى الموت لكل العرب، متسائلا حول السبب في تقديم المساعدة إليهم, تتجاوز كل الحدود, خصوصاً وقد تبعه في عنصريته البذيئة هذه عدد من الصهاينة, نشروا تعليقات تفيض بالحقد الأسود, تنم عن فوقية بغيضة, ونعتذر للقراء عن إعادة نشرها هنا لما تحتويه من أحاسيس متبلدة, تجاه أطفال أبرياء, شاء القدر ألا يعودوا لبيوتهم, بعد أن دهمت سيارتهم شاحنة إسرائيلية.قال هؤلاء العنصريون ( أيمكن إرسال شاحنة أخرى؟, وكنت أرسل دبل تريلا لمحو كل هذه القذارة, اهدأوا.. هؤلاء أطفال فلسطينيون، جميل تناقص المخربين, وليته في كل يوم باصات كهذه, عندما يكبروا سيكونوا مخربين... الرب استبق الوباء بالوقاية ), وإذا كان رئيس الوزراء المفترض أن كلامه محسوب, وأنه تعبير عن موقف سياسي, انحدر بتعليقه على الحادث, إلى درك الشماتة بموت أطفال أبرياء, فإننا لن نعتب على بقية الجوقة, التي رأت في الحادثة البشعة فرصةً لنفث سموم الحقد والكراهية والعنصرية والشماتة والاستهانة بمشاعر أسر الضحايا, وبما يوحي بسيادة عقلية القلعة المغلقة, واحتقار الغير في المجتمع الإسرائيلي, وبشكل يجب أن يكون إنذاراً غير موجه للفلسطينيين والعرب, بل للعالم الذي يتبارى ساسته في الدفاع عن حق إسرائيل في الوجود والعيش بأمان. من واجبنا تذكير نتنياهو بأنه حين تحرر العراقيون من نظام صدام حسين, فإنهم التفتوا إلى اليهود العراقيين, باعتبارهم مواطنين يتساوون معهم في الحقوق والواجبات, حتى وهم خارج وطنهم, وتذكيره بأن اليهود الليبيين يعملون على العودة إلى وطنهم بعد سقوط القذافي, وبأن التونسيين اليهود رفضوا دعوة حكومته لهم للهجرة والعيش في الكيان العنصري الذي يقوده, وأنه لو قدر للمصريين اليهود, الذين هاجروا من وطنهم العودة إليه, لتدفقوا بالآلاف تاركين له ولأمثاله قلعة العنصرية البغيضة التي يقودها, ولسنا بحاجة للتذكير بأن اليهود من أصول عربية, الذين قادهم حظهم التعيس للعيش في الدولة العبرية, هم من الدرجة الثانية في سلم المواطنة, الذي نفترض أنه يتعامل مع الديانة كعنصر أول لإثبات المواطنة, وهو يقوم بذلك عندما يحتاج إلى دمهم, ويؤشر إلى أصولهم القومية حين تتطلب مصلحته وعنصريته اللجوء إلى هذا الخيار.يطالبنا النفاق الدولي بوضع دساتير تمنع التفريق بين المواطنين, على أسس دينية أو مذهبية أو عرقية, ونحن بالتأكيد مع ذلك ونؤيده ونسعى إليه, لكن المؤسف أنهم يتعامون عن كل هذه العنصرية التي تتفشى في أرجاء مجتمع الدولة العبرية, التي تنادي اليوم بعنصرية جديدة, تتمثل بإقرار الجميع بيهودية الدولة, مع ما يعنيه ذلك من أوضاع أكثر مأساوية سيعيشها الفلسطينيون الصامدون في وطنهم, ويؤشر إلى طبيعة علاقات هذه الدولة مع جوارها, إن قدر لها أن تعيش وتنعم بالبقاء.لعنة دماء الأطفال الفلسطينيين, الذين قضوا في حادث الاصطدام قبل أيام, ستظل تلاحق عنصرية نتنياهو, وكل الشامتين بموتهم من أتباعه إلى الأبد.
في الحدث : نتنياهو .. العنصرية الوقحة
نشر في: 18 فبراير, 2012: 09:42 م