TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: مطرب المرور

نص ردن: مطرب المرور

نشر في: 18 فبراير, 2012: 09:51 م

 علاء حسن بحسابات الدول "الفايخة" أي المستقرة امنيا وسياسيا واقتصاديا ، للوقت قيمة كبيرة ، لانه يتعلق بكل قواعد  التنمية، ومنذ زمن بعيد يقتل العراقيون وقتهم  بأساليبهم الخاصة ولم تنفع معهم ، تجارب الشعوب في التعامل مع الزمن بوصفه وحدة قياس ثابتة لتحقيق منجزات كبيرة ، لا تشبه من قريب او بعيد ،  منجز "حكومة الثورة" في العام 1969 بإنشاء مشروع" المغيشي" الاروائي بناحية الدواية في ريف محافظة ذي قار ، فغنى لذلك المشروع مطرب معروف أغنية
"سنتين باسبوع  باسبوع  انتهت بيها العقول احتارت" وترددت الاغنية عبر الاذاعة عشرات المرات يوميا ،  لتاكيد حقيقة المنجز التاريخي الكبير بأقصر مدة زمنية .وعلى طريقة النظام السابق في الاستثمار الافضل للزمن ، طرح شعار "اضاعة دقيقة من العمل اضاعة فرصة من التقدم"، ولكن هذه المقولة لم تشمل الشباب العراقيين، وخصوصا من خريجي الجامعات ، فخدمتهم العسكرية  الالزامية في الجيش، حددت وبدفاتر الخدمة الصادرة من التجنيد بثلاثة وعشرين شهرا ، والاحتياط بثلاثة اشهر فقط ، لكن  حرب الخليج الاولى والثانية ، وما بعدها جعلت الخدمة ربما تصل الى 20 سنة ، فضيع العراق فرص التقدم وتحقيق التنمية مثل بقية الدول الفايخة . بعد ان تخلص الشباب العراقيون من دوائر التجنيد وانقذهم النظام الجديد من الخدمة الالزامية والاحتياط ، دخلوا في معاناة جديدة مع الوقت  ، لان  ساعات النهار تتبدد في عبور السيطرات المنتشرة في العاصمة بغداد ، والوقوف في طوابير طويلة للدخول الى احياء معزولة بالحواجز الكونكريتية ، ولاثبات حقيقة اهدار الوقت والجهد وحتى وقود المركبات ، تكفي زيارة واحدة الى الكراجات والاستماع الى احاديث سواق الكيات والتكسيات للتعرف على معاناتهم من سلوك الطريق من البياع الى الباب الشرقي ، وبالعكس ، والوقت يستغرقه "ابو الكيا" في عبور جسر الجادرية على مدار ساعات اليوم .احد  اعضاء الكورس الغنائي للتلفزيون العراقي في عقد التسعينات قبل تأسيس تلفزيون الشباب حالفه الحظ في  تسجيل اغنية صورت في شوارع العاصمة وقتذاك تتضمن الدعوة للالتزام بالاشارة الضوئية ، والمطرب كان احد منتسبي مصلحة نقل الركاب ، وكان سائق باص على خط البياع المعالف، ولتمتعه بالموهبة الفنية فضلا عن طبيعة عمله استحق لقب مطرب المرور ، وهو بدوره كان سعيدا بمنحه اللقب لانه تخلص من الكورس واصبح مغنيا كبقية النجوم الاخرين،  فرفع تسعيرة نمرته في حفلات الافراح الشعبية ، والغناء مجانا في المناسبات القومية والوطنية على طريقة "شهرين باسبوع انتهت بيها العقول احتارت " في اشارة الى تحقيق التقدم والازدهار . يبدو ان الاجهزة الامنية المصرة جدا جدا على اعتماد "إستراتيجية المحتل" في ادارة الملف الامني لم تفكر بعد في اتخاذ خطوات عملية لاعادة النظر بعدد السيطرات المنتشرة في العاصمة ، فبعد ان وضعت الاشرطة الملونة والنشرات الضوئية في اماكن السيطرات ، لم يبق امامها سوى الاستعانة بمطرب المرور ليرسم البسمات على وجوه سواق الكيات والعبرية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

كتائب القسام تعلن "استشهاد" قائدها محمد الضيف

ترامب: لم ينج أحد من حادث اصطدام المروحية وطائرة الركاب قرب مطار ريغان

"الاتفاق غائب".. تعديل الموازنة يدفع الى انقسام نيابي

برشلونة يعلن رسميا تجديد عقد بيدري حتى 2030

مكتب السيستاني: يوم غد الجمعة هو الأول من شهر شعبان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram