TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات :عذراً للمرأة الكردستانية

كردستانيات :عذراً للمرأة الكردستانية

نشر في: 18 فبراير, 2012: 09:53 م

 وديع غزوان الطاولة المستديرة التي نظمتها مؤسسة المدى  للإعلام والثقافة والفنون عن أحوال المرأة العراقية والموسومة  بـ "من أجل ألا يكون مستقبلها كحاضرها " أشعرتني بحجم التقصير، غير المتعمد، في تسليط الضوء على أحوال نساء كردستان وما يعانينه من اضطهاد لا يتناسب وما يشهده الإقليم من تطورات  سياسية واقتصادية واجتماعية. لا يمكن إغفال القوانين التي صادق عليها برلمان كردستان لإنصاف المرأة ومناهضة العنف ضدها،
 غير أنها -كما يشير الواقع -ظلت قاصرة وغير فاعلة في ظل تسلط قيم مجتمعية متخلفة تنتج مفاهيم عدم المساواة والنظر بدونية إلى المرأة. وبشكل عام فإن موضوعاً كموضوع حرية المرأة يحتاج إلى برامج عمل واسعة لا تتوقف عن تشريع القوانين، بل تتجاوزها إلى صيغ التطبيق،والأهم من ذلك التوعية بالمفاهيم القادرة على ترسيخ قناعات حقيقية باحترام النصف الآخر. فما زلنا  و رغم كل أحاديثنا عن تضحياتها الكبيرة ودورها الكبير في المجتمع الذي يفوق دور الرجل  أحيانا حتى في مجال التنشئة، وكلماتنا الجميلة وتصريحاتنا عن أهمية حقوق وحرية المرأة وأشعارنا التي  تصفها بالعطاء والخصب و تتجاوز الغزل  المرتبط بالحاجة الجسدية المحضة، رغم كل ذلك فإننا في داخلنا نتشبث بروحية التسلط والاستبداد ونسعى لتكريس هيمنتنا المطلقة بأغطية دينية تارة وقيم وعادات المجتمع تارة أخرى. لا أريد أن أتحدث عما دار في الطاولة من أحاديث ومداخلات تفضي إلى فهم واقعي بأن حرية المرأة مرتبطة بمفهوم أوسع هو حرية المجتمع ككل. ففي فضاء الحرية  ومبادئ الديمقراطية تتسع فرص التعليم لكل أفراد المجتمع بشكل متساو وتتقلص مستويات الفقر ونسب المجاعة وتتوفر الخدمات، وهذه ستخلق علاقات جديدة في المجتمع أساسها العدل والمساواة بين كل أفراده. وفي العودة إلى أوضاع المرأة في كردستان تطالعنا إحصاءات منظمات أجنبية ومحلية عن نسب ليست قليلة عن جرائم غسل العار وانتحار النساء وأخرى عن ختان الإناث في الإقليم وبنسب مخيفة تبلغ الـ 60%.. إحصاءات تضع  أمام الجهات المعنية آلاف علامات الاستفهام والتعجب عن دور الأحزاب والمنظمات في المجتمع الكردستاني الذي أنجب أول قاضية في العراق  وأول رئيسة لاتحاد نساء كردستان هي زكية إسماعيل حقي. صحيح أن في إقليم كردستان الآن قياديات بارزات في الأحزاب والبرلمان والحكومة ومنظمات المجتمع المدني من بينهنّ السيدة هيرو والنائبة سوزان شهاب وآسوس نجيب ومثلهن تبوأن مقاعد في مجلس النواب والحكومة الاتحادية، غير أن هذا وحده لا يعطي الصورة الكافية لما تستحقه المرأة الكردستانية التي ضحّت وقدمت الكثير إبان الثورة الكردية. ومما يضاعف حجم الظلم هو هذا الغموض الذي يصل حد التعتيم على دورها المهم في مراحل النضال المختلفة، خاصة في المناطق والقرى النائية. نؤمن بأن حرية المرأة شيء أهم وأكبر من كوتا تعطى بالمنّة وأوسع من درجات ومناصب، وأعمق من ملابس، إنه تجسيد عن الإيمان  الحقيقي بالحريات العامة ومبادئ الديمقراطية، لذا فإن العمل من أجل حرية المرأة جزء من نضال أوسع على طريق بناء عراق ديمقراطي يتمتع الجميع فيه بحقوقهم على وفق كفاءتهم وعطائهم دون تمييز. مرة أخرى عذراً للمرأة الكردستانية على هذا التقصير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

كتائب القسام تعلن "استشهاد" قائدها محمد الضيف

ترامب: لم ينج أحد من حادث اصطدام المروحية وطائرة الركاب قرب مطار ريغان

"الاتفاق غائب".. تعديل الموازنة يدفع الى انقسام نيابي

برشلونة يعلن رسميا تجديد عقد بيدري حتى 2030

مكتب السيستاني: يوم غد الجمعة هو الأول من شهر شعبان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram