ثامر الهيمصعندما سئل برنادشو الفيلسوف البريطاني الساخر عن الفرق بين ذقنه وصلعته أجاب هناك غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع . الجميع يتفق أن البطالة بلغت مليون ونصفا بين الخريجين من عام 2003 لغاية ( 2009) حسب ما أوردته وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وأن نسبة الفقر في الريف وصلت الى 39% وفي المناطق الحضرية 16% إذن العلاقة طردية بين الاثنين وفي تزايد مع تقادم الأيام .
من جهة أخرى كشفت وزارة التخطيط والتعاون الانمائي عن وصول نسبة الأيدي العاملة في البلاد الى 50% وسترتفع الى 60% خلال السنوات العشر القادمة . من جانب أخر هناك شكوى مرة من الترهل أي البطالة المقنعة في دوائر الدولة من أعلى الهرم الى قاعدته ويواكب ذلك رواتب ومخصصات استثنائية جدا في الدرجات الخاصة التي تتضخم مع الدورات الانتخابية سواء كرواتب تقاعدية لخدمة حدها الأدنى ستة أشهر ومخصصات وحمايات للعاملين الحالين في السلطتين التشريعية والتنفيذية ولتغطية عدد النواب الجدد مع تزايد النفوس . التفاوت في الرواتب والمخصصات يتعملق بحيث يكون راتب تقاعدي بالملايين لخدمة حدها الادنى ستة أشهر والاعلى أربع سنين . يقابله مئتا الف دينار لخدمة من المؤكد أكثر من خمس عشرة سنة قضاها أغلب المتقاعدين بين حرب ضروس وحصار قاتل ، وهذا نموذج كاف لبيان سبب البطالة والترهل . وهذا الحال مستمر لان الأطراف المعنية تنفيذا وتشريعا اختزلت اهتمامها بتوسيع دائرة الترهل وزيادة الاستثناءات كما ونوعا وفتح مشاريع واعدة بذلك كما طرحت من خلال الفدراليات لاعادة إنتاج ترهل واستثناءات المركز فهم لم يختلفوا _ قادة الكتل_ على كيفية الاسراع بحل مشكلة الكهرباء والبنية التحتية والتعليم والوسائل السريعة لمكافحة الفساد والارهاب بل الاختلاف حصرهم في لقاء يأتي بنتائج أو لا يأتي . لماذا لم يخطر على بال المستشارين وما أكثرهم أن الترهل المتزايد يعقد ولا يحل المشكلة أي يزيدها فسادا وخسارة بالجدوى الاقتصادية . ألم يكن قانون جديد للتقاعد حلا لمشكلة الترهل بتقليل العمر القانوني ورفع راتب التقاعد للخدمة القليلة أي بنظام التقاعد المبكر . على الأقل لإزالة الشحوم الحكومية لينطلق أسرع في إنجاز العمل ويقلل فساده وأمراضه .وكذلك الرواتب والاستثناءات تشكل عبئا ماليا كافيا إذا ما حول لمشاريع الصناعة والزراعة لامتصاص البطالة في 719 معملا وشركة و 57 ألف مشروع أهلي . اما الخبرة التي سيفقدها الهيكل التنظيمي بالتقاعد المبكر فخبرة المستشارين المتعاقدين مع الدولة وأصحاب المصلحة الحقيقية في حسن الأداء كاف للتعويض عنها . فإذا لم تكن هناك خبرة مهنية لدى بعض الاستشاريين تراكمت لديهم خبرة سياسية لقربهم من سلطة القرار لذلك هم جهاز استشعار جيد فعلى الأقل يدقون جرس الإنذار من خطر الترهل والبطالة وثقافة الفساد اذا ما قدموا أنفسهم كقدوات يقتدى بهم لان البطالة أمامها ترهل جذوره سياسية وليس بجدوى اقتصادية وانما أصبح ورما يتوسع لزيادة البطالة لان المستوظفين أغلبهم أقل حاجة للوظيفة من الخريج الذي ينتظر في سنوات شبابه المتلاشية أي تغييب الرجل المناسب لصالح غير المؤهل إجمالا . و نأمل أن تردم الهوة بين الشعارات والانجازات وكذلك بين غزارة الإنتاج وسوء التوزيع وبعد أن يرفع الطين والعجين عن آذان المعنيين .
فضاءات: البطالة والترهل
نشر في: 19 فبراير, 2012: 07:24 م