ترجمة: علاء خالد غزالة تترنح شركة ديالى للصناعات الكهربائية التي تملكها الدولة في انتاجها. وهي تصنع المحولات الكهربائية وشمعات القدح والمراوح السقفية والمكاوي البخارية التي لا يرغب بها، او يقدر على دفع اثمانها، الا القليل من الناس. وقد تضاعفت قوتها العاملة ثلاث مرات، حتى مع انخفاض انتاجيتها. كما انهارت صفقة لاستقدام مبلغ ستين مليون دولار من رأس المال الاجنبي، وهو واحد من بين حفنة قليلة من الاستثمارات الاجنبية في الصناعة العراقية المملوكة للدولة.
غير ان الحكومة الاميركية منحت الشركة مبلغ مليونين ونصف المليون من الدولارات من اجل الإبقاء على الخط الانتاجي الرئيس شغالاً، ومنع العاملين فيها من الوقوع في الفقر المدقع، او ربما لمنعهم من الالتحاق بالتمرد.تعمل الولايات المتحدة والعراق على جمع المئات من المسؤولين ومديري الشركات في مؤتمر ينعقد في الشهر القادم ويدوم على مدى يومين بالعاصمة واشنطن من اجل ارسال رسالة ان العراق بعد ست سنوات من الحرب منفتح على الاعمال، وهي لا تقتصر على النفط فقط. ويفتخر العراقيون، الآن اكثر من أي وقت مضى، بان ما بدأ تقاطراً في الاستثمار الاجنبي، بضمنها انشاء اول فندق جديد في بغداد منذ سقوط نظام صدام، فإنه سيصبح آخر الامر فيضاناً.على ان خبرة هذه الشركة تبين ان التطور الاقتصادي والاستثمار الاجنبي يواجهان مصاعب تفوق العوائق الامنية فحسب. فالصناعات المملوكة للدولة التي تهيمن على اقتصاد البلاد، من الحقول النفطية الى صناعة الالبان الى معامل النسيج، هي على حالها من التضخم وعدم الكفاءة كما كانت في زمن صدام، بل يجادل البعض انها اسوأ. وهي مبتلاة بالفساد، وتعاني من النقص في الكهرباء وحالة الطرق المزرية، ومقيدة بالبيروقراطية والتخطيط المركزي ما يجلعها غير قادرة على المنافسة امام سيل المنتجات الرخيصة المستوردة من ايران وتركيا وما وراءهما.ويبقى التشريع الجديد الذي يستهدف تنظيم الاستثمارات وحقوق الاراضي والضرائب والخدمات المالية وحماية المستهلك عالقا في البرلمان. حتى ان مجرد ذكر أي نوع من الخصخصة التي اجتاحت اوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي بعد انهيار الشيوعية هو امر مقيت بالنسبة الى المسؤولين هنا.وقال سامي الاعرجي، رئيس المفوضية الوطنية العراقية للاستثمار، في مقابلة صحفية: «نحن لسنا في علاج ما بعد الصدمة. نحن في حالة تغير تدريجي من اقتصاد مركزي الى اقتصاد مفتوح.»وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد ضغط علنا على نائب الرئيس الاميركي جوزيف بادين في وقت سابق من هذا الشهر حول «الحاجة الى إنجاح هذا المؤتمر.»لكن المسؤولين الاميركيين يعربون في احاديثهم الخاصة عن المخاوف بأن هذا المؤتمر لن يكون الا ممارسة سياسية قبل حملة المالكي من اجل اعادة انتخابه، ما لم يقم العراقيون بفعل المزيد من اجل تكوين ارضية صلبة للمستثمرين الاجانب الراغبين بالمخاطرة على منظور البلاد.وقد شدد بايدن، في لقائه مع المالكي وقادة كبار آخرين، على الحاجة الى هيكلية تنظيمة ومالية افضل، حسبما افاد مسؤول كبير يرافقه. وقال المسؤول ان الاصلاح سوف يسمح، على سبيل المثال، للشركات الاستثمارية الخاصة العالمية لأن تقدم ضمانات القروض الى الشركات الاميركية الراغبة في الاستثمار في العراق.بيد انه لا يتوقع الا القلة ان يتم إحراز تقدم في التشريعات قبل الانتخابات المقررة في العام المقبل والمساومات السياسية المحتومة التي ستعقبها، ما يؤدي الى تأخير اصلاحات مهمة، ومن ثم الاستثمار، لعام على الاقل.يقول مجول مهدي علي، رئيس مفوضية الاستثمار في ديالى التي تم تشكليها حديثا: «رأس المال جبان. انه يبحث دائما عن مكان آمن.» وبينما كان يتكلم، هز انفجار مدينة بعقوبة، نتج عن قنبلة مزروعة على جانب الطريق ادت الى مقتل ثلاثة من رجال الشرطة.ويشتكي علي من ان الكثير من الوزراء في الحكومة لم يظهروا الا اهتماما قليلا في الاستثمار الاجنبي او من القطاع الخاص، بل انهم عارضوه بشدة. وقد طـُردت المفوضية من اثنين من المكاتب الحكومية قبل ان تنتقل الى دار سكنية بائسة. ولم يتم تجهيزها من قبل الحكومة المحلية للمحافظة وانما من قبل فريق إعادة الأعمار الاميركي التابع الى قاعدة اميركية امامية تتواجد في الجوار. وهو يقول انه لم يتسلم راتبه للاشهر الثلاثة الماضية.ويقول ان فكرة الحكومة المحلية عن التطوير الاقتصادي هي خطة لشراء عشرة آلاف سيارة اجرة وتأجيرها الى السائقين، على النقيض من نصيحته. ربما ستكون بعقوبة عن قريب اسهل مكان في العالم للحصول على سيارة اجرة لكنه يقول: «هذا ليس باستثمار.»ومع ذلك، حتى مع ظروف امنية غير يقينية ومع الحماية القانونية غير الملائمة، فان العراق قد بدأ فعلا في اجتذاب اهتمام المستثمرين. فقد وقعت شركة ديملار ايه جي اتفاقية مع العراق في العام الماضي وافتتحت مكتبا لها في بغداد. كما بدأت شركة كيس نيو هولاند، الشركة العالمية المتخصصة في صناعة الجرارات الزراعية، في بناء اول 1,250 جرار لصالح المعمل العراقي الحكومي في الاسكندرية، والذي كان ذات مرة مركزا للتمرد في المنطقة الواقعة جنوب بغداد والتي عُرفت باسم «مثلث الموت.»وبالمثل تم وضع حجر الاساس في شهر تموز لإنشاء فندق غاية في الفخامة بكلفة مئة مليون دولا
المستثمرون مازالوا يتجنّبون المخاطرة في العراق
نشر في: 6 أكتوبر, 2009: 07:26 م