TOP

جريدة المدى > مواقف > الشعارات على الجدران الكونكريتية بين المثال والواقع

الشعارات على الجدران الكونكريتية بين المثال والواقع

نشر في: 6 أكتوبر, 2009: 07:28 م

ترجمة  إسلام عامر حسن ليس للكتابات العشوائية الموجودة على جدران نقاط التفتيش ببغداد صلةٌ بالواقعية الا بالشيء القليل. فالحياة هناك تنطق بالكآبة من البنايات والبساتين القاتمة المائلة بلونها الى الصفرة فلا يحتاج المرء الى البراهين لإثبات ذلك. حيث تكتب على هذه الجدران الشعارات الجميلة مثل «لا للارهاب» وهو شعارٌ موجود على كل الجدران في بلدٍ لايزال يعاني من هذا الارهاب.
و «احترم تُحترم» شعارٌ يستخدمه الجنود العراقيون الذين اعتادو الشكوى من عدم الاحترام، و»القانون فوق الجميع» هذا الشعار الذي لا يلتزم به الا القليل من المارة عبر نقاط التفتيش.يتفق الجميع هذه الايام على ان القوات الامريكية سوف تغادر العراق، على الاقل من ناحية كون تلك القوات المدعومةً باكثر من مئة الف جندي في بلاد مدمرة منذ الغزو في عام 2003 والذي اطاح بنظام صدام لكن لا احد يعلم بالضبط ما هو نوع الدولة التي ستخلفها تلك القوات من بعدها.تعطي شعارات حكومة المالكي معنى واحدا بالرغم من ان تلك الشعارات تتحدث بطابع ذي ثقةٍ ثابتة اكثر مما هو عليه من طابع الإلهام. تمثل تلك الكتابات على جدران نقاط التفتيش السلطة. و القانون يعني الطاعة والالتزام بالاضافة الى الوطنية. فتكتب كلمات الولاء اكثر من كلمات الحرية والديمقراطية.«الولاء للوطن» هو واحد  من الشعارات المكتوبة. «السلطة هي الامر الاكثر اهمية لانها تحمي المواطنين ثم  بعد ذلك يمكنك ان تتحدث عن الحرية، فبماذا ستنفع الحرية اذا ذُبِحَ الناس في الشوارع؟» هذا ما اصر عليه الضابط محمد سلمان في نقطةِ تفتيش تقع في الدورة احد اكثر الاماكن خطورة في بغداد وهو يقف و خلفه عبارة مكتوبة على الحائط تقول :»اللهم احفظ العراق».تدلنا جميع هذه الزخارف و الكتابات الى قصة تتحدث عن العراق، تدلنا الى المشاعر التي تتحدث عن الماضي و المستقبل، وعن التطلعات و خيبات الامل. «المقابر الجماعية هي الدليل الحي على إلحاد وفسوق النظام السابق». هنالك شعار آخر يقول و بأصرار: «لا سنة ولاشيعة جميعنا تحت راية لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله».الا ان بعضها يبدو تهكميا وساخراً لان العراق ينحدر في موجة من المذابح التي ستعدم وجوده. ليس هنالك من راية واعدةٍ سوى راية «التقدم» و «الازدهار» لبلدٍ يسبح في الدماء وعلى حافة الهاوية والانهيار. وبعد عدة اشهر كانت الكلمات ملطخة بالصبغ الاسود وكان اسفل منها كومة من القمامة و الخردة الصدئة على الجانب.بعض تلك الشعارات كان ببساطة «حزين». وذلك في حمام الدم الذي اعقب عامي 2006 و 2007 فكان الملصق الذي يقول: «مهما كانت الريح قوية فأنها ستزول» هو الملصق الوحيد الذي نعى شهداء العراق.في هذه الايام تسعى الشعارات الى بناء الولاء للدولة التي لم يوافق عليها  الجميع حتى الآن . «عاش العراق» شعار مكتوبٌ آخر. «من هو العراق؟» لا احد يطرح هذا السؤال مع انه يجول في اذهان الجميع.هنالك رؤية سينمائيةٌ لبغداد.. وهي بالتأكيد  ليست بوجهة نظر ديفد لين الذي اخرج «لورنس العرب» باستعراضاته البائسة المريعة، حيث ان كل شيء هنا  يحمل مسحة من اللون البني ..فلون النخيل بني بسبب التراب الذي تحمله الرياح الصحراوية ولون الاغنام التي ترعى في اكوام القمامة بنية حتى السماء فانها ذات لون بني بسبب التراب الناتج عن  الحركة العنيفة لإطارات الشاحنات والتي تشق طريقها عبر نقاط التفتيش المنتشرة في كل مكان.«بغداد ترحب بكم» هذه إحدى الجمل المكتوبة في نقطة تفتيش تقع على مشارف مدينة بغداد.لا تتكلم الرسوم التي تزين الحواجز في نقاط التفتيش عن الطابع الاسلامي والعربي الا بقدرٍ قليل حيث ان معظمها رُسِمت بطريقة تتكلم عن البابليين و السومريين، و التي على ما يبدو يتحدون بها طموحات الدول العربية و العرب الذين  لم يكترثوا  لما حدث في العراق ..لبنان الذي شيد جذور الحضارة الفينيقية..مصر التي احتضنت ماضيها الفرعوني.. اما بالنسبة للعراق، فان المآسي التي حلت بالشعب الكردي هي خير دليل للاجيال في هذا البلد.طموحات المالكي لاتزال مبهمة لحد الآن بالنسبة لهذه الدولة التي تعصف بسماء عاصمتها العواصف الرملية. فلسنوات كان ينظر اليه على انه محاربٌ للطائفية، اما اليوم فنراه بهيئة الانسان القومي ،في العلن على الاقل، والذي يريد ان يجد دولة للعراق تقوم على القانون، طبعاً بحسب ماتملي عليه الشعارات. rn «يدٌ تبني و يدٌ تحارب» هو  واحد  من الشعارات المأخوذة من النظام السابق. و ترى شعارا آخر «شوكة في عيون الارهاب» وترى كلمات «القانون» و «الاحترام» التي تمزج نفسها عبر المقولة :»نعم للوحدة الوطنية».لكن البلاد لم تزل  قاصرة لحد الآن .و في إحدى نقاط التفتيش حيث تنام كلاب مسعورة في مياه المج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية
مواقف

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram