حازم مبيضينيبدو أن نتائج التغيير الجذري في دول المغرب العربي, والتحرك النشط للرئيس التونسي الجديد ( المؤقت ), ستثمر عن إحياء جثة كنا نظن أنها شبعت موتاً, وهي اتحاد المغرب العربي, الذي تأسس قبل حوالي ربع قرن, وتوقف عن الحراك بعد سبع سنوات من ذلك, فيما تفاقمت الخلافات بين دول الإتحاد الخمس,
ووصلت في بعض الأحيان تخوم الاشتباك العسكري, ولم يلحظ مواطن جزائري أو تونسي أو ليبي أو موريتاني أو مغربي نتيجة إيجابية واحدة نجمت عن الاتحاد, رغم عقد خمسين معاهدة, لم نشهد تنفيذ واحدة منها, والواضح أن الاتجاه اليوم هو اختراع اتحاد جديد, وغض النظر عن التجربة المتعثرة التي مر بها الاتحاد المندثر. كانت الأحزاب المغاربية قد سبقت الدول في طرح فكرة الاتحاد حين اجتمعت عام 58 , وبعد الاستقلال جرت العديد من المحاولات الوحدوية, كإنشاء لجنة استشارية عام 1964 لتنشيط الروابط الاقتصادية بين دول المغرب العربي، وبيان جربة الوحدوي بين ليبيا وتونس عام 1974, ومعاهدة مستغانم بين ليبيا والجزائر, ومعاهدة الإخاء والوفاق بين الجزائر وتونس وموريتانيا عام 1983. وصولاً إلى القمة المغاربية عام 88 , وإصدار بيان زرالده, الذي أوضح رغبة القادة في إقامة الاتحاد المغاربي, وتشكيل لجنة تضبط وسائل تحقيق وحدة المغرب العربي, وتبع ذلك إعلان قيام اتحاد المغرب العربي, الذي تعثر منذ ولادته, وحتى المساعي الراهنة لإعادة إحيائه, أو خوض تجربة جديدة في هذا المضمار. كانت الأهداف أشبه بأحلام وردية, من قبيل فتح الحدود بين الدول الخمس, لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، والعمل تدريجياً على تحقيق حرية تنقل الأشخاص, وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها, إضافةً إلى تمتين أواصر الاخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها, وتحقيق تقدم رفاهية مجتمعاتها, والدفاع عن حقوقها, والمساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف, لكن الخلافات وسعي البعض للتزعم والقيادة أطاحت كل هذه الأهداف, الأحلام كما ينبغي القول, وتركت المواطن المغاربي في حيرة من أمر قادته المتنازعين. الملك المغربي, الذي وضع دستوراً جديداً لبلاده, التي وصل الإسلاميون للحكم فيها عبر صناديق الاقتراع, أعلن رغبته في قيام نظام مغاربي جديد, يأخذ في الاعتبار التغيرات التي حصلت في ليبيا وتونس, والرئيس التونسي يأمل بأن يكون العام الحالي عام الاتحاد, والقيادة الليبية الجديدة المنسجمة إسلاموياً مع تونس والمغرب, تدفع باتجاه تفعيل هذه المنظمة الإقليمية, لكن الرئيس الجزائري الذي لم تشهد بلاده تغيراً جذرياً, وهي تعيش مشاكل مع دول الاتحاد كافة, يصرح أن تحقيق الوحدة المغاربية أصبح ضرورة قصوى, وهو يرى ضرورة تطوير الاتحاد السابق, بالعمل وفق مقاربة واقعية وتدريجية, تأخذ في الحسبان مصالح بلداننا وطموحات شعوبها.بداية هذا الاسبوع, عقد وزراء خارجية دول الاتحاد اجتماعاً في الرباط, للاتفاق على عقد قمة, ستكون الثانية في عمر يمتد ثلاثاً وعشرين سنة, وفي ظل فهم لطبيعة تحولات الربيع العربي, التي يأمل المواطنون المغاربيون أن تنعكس أجواؤها إيجابياً على اتحادهم الذي عصفت به الخلافات المغربية الجزائرية, خصوصاً لجهة موضوع استقلال الصحراء الغربية, ودعم الجزائر لجبهة البوليساريو, لكن الواضح أن آراء القادة الجدد والقدماء, متباينة منذ اليوم الأول للاجتماع حول طبيعة المستقبل, ففي حين يسعى البعض لصيغة جديدة, يذهب آخرون إلى ضرورة تطوير ما هو قائم, وكأنه يعز عليهم الاعتراف بفشل التجربة السابقة, وضرورة وضع صيغ تأخذ بالاعتبار التحولات التي مرت بها المنطقة.
في الحدث: الربيع العربي والاتحاد المغاربي
نشر في: 19 فبراير, 2012: 07:50 م