TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :اللحية.. بين الاجتثاث والإعفاء

سلاما ياعراق :اللحية.. بين الاجتثاث والإعفاء

نشر في: 20 فبراير, 2012: 08:49 م

 هاشم العقابي لم تعم المصريين حالة رعب، بعد التغيير، مثل تلك التي سببتها أحداث الشغب التي شهدها ملعب بور سعيد في مطلع الشهر الحالي وراح ضحيتها 74 قتيلا. وبسبب عظم الفاجعة اصدر مجلس الشعب قرارا يطلب من وزارة الداخلية ان تعيد هيكلتها. وما ان استعد الوزير لتقديم الهيكلة الجديدة، حتى فوجئ بان ضباط الشرطة غير مكترثين بقتلاهم بل بلحاهم! والسبب هو أن الداخلية عاقبت ضباطا لم يلتزموا بحلق اللحية، فاحتج هؤلاء ومن يؤيدهم مطالبين بإعفاء اللحى.
وقصة اللحى والشوارب ليست جديدة. فقد استفزت جدنا المتنبي، منذ مئات السنين، ودفعته الى اتهام امتنا بالجهل الذي اضحك علينا باقي الأمم. لكن الجديد فيها هو كثرة الحديث عنها  في هذه الأيام، خاصة بعد الربيع العربي. فالإسلاميون يعتبرون إعفاء اللحى واجبا شرعيا وسنة نبوية ومن يمسها بسوء ما هو الا زنديق. واللا إسلاميون،يعتبرونها شيئا شكليا وانها، ان طالت وان حلقت، لا علاقة لها بروح الإسلام.ان اطلاق اللحية، لأسباب دينية أو غير دينية، يظل وفق أعراف الديمقراطية واحترام الحريات الشخصية، حقا لا غبار عليه. وان كان هناك غبار أو عيب، فهو في استغلالها لتحقيق منافع شخصية أو لتخويف الناس أحيانا. والأخطر من هذا وذاك هو اتخاذها وسيلة لتزكية الملتحي وظيفيا واجتماعيا وأخلاقيا  لتفضيله على الآخر غير الملتحي. شيء يشبه تفضيل المحجبة على غيرها في الكثير من الممارسات الاجتماعية والسياسية تصل حد الأفضلية في الترشيح للبرلمان كما حدث عندنا بالعراق.والتحذير من استغلال اللحى في التحايل على الناس أو استغلالهم باسم الدين والتدين هو، عند اللبيب العاقل، خوف على الدين أكثر مما هو خوف منه. وشاهدي في ذلك اننا مذ كنا أطفالا في الابتدائية قرأنا قصة ذلك الثعلب الذي ادعى التوبة فاطلق لحيته وامسك بسبحة بين أصابعه ونجح في خداع دجاجة مسكينة صدقته، ففتك بها. ولربما أكثرنا ما زال يحفظ قصيدة "برز الثعلب يوما" لأحمد شوقي، التي تتحدث عن قصة ثعلب وديك، مصريين، لا تختلف في فحواها عن قصة ثعلبنا ودجاجتنا العراقيين.اعتقد انه من صالح الإسلاميين، وليس من صالحنا الذي لا أظنه يهمهم، ان لا يجعلوا من اللحية علامة، جامعة مانعة، للدلالة على التقوى وتزكية الأنفس. اذكرهم بان اللحية منتشرة عند أهل الغرب كظاهرة لا علاقة لها بالروح أو العقيدة، إنما بالشكل والمظهر فقط. واذكر لهم ان الألماني المار فايسر حصل على لقب "أفضل لحية في العالم"، في مسابقة اقيمت في العام الماضي بالنرويج، متفوقا على 160 مرشحا من 15 دولة مختلفة. فهل هذا يعني انه أفضل متدين واتقى رجل بالعالم؟ في جلسة جمعتني بالمفكر الكويتي أحمد البغدادي قبل رحيله، سألته عن سر انتشار ظاهرة حمل "السبحة" عند الكويتيين معتقدا ان لها علاقة بالتدين. ضحك ورد على سؤلي بسؤال: ألم تسمع بالمثل الخليجي "لا تغرك لحية الإماراتي ولا سبحة الكويتي". فكلاهما "مودة" لا علاقة لها بالصلاة أو التدين، فلا تخف يا صاحبي!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram