أجراه: شاكر مجيد سيفو فندق فلسطين - مريديان 27 /11 /1987 الأب الشاعر يوسف سعيد من مواليد الموصل عام 1932 م، أكمل دراسته الأولية في دير شهير قريب من المدينة ثم ألتحق بكلية اللاهوت الموجودة في المدينة، عيّن رئيساً روحياً لطائفة السريان في كركوك،وهناك التقى جماعة كركوك، شعراء قصيدة النثر
أمثال فاضل العزاوي ومؤيد الراوي وسركون بولص وجان دمو ويوسف الحيدري وصلاح فائق، كانت لهؤلاء تأثيرات واضحة في المشهد الشعري العراقي بأكمله، وتأثر بهذا المشهد الأب الشاعر يوسف سعيد، نشرت أشعاره وكتاباته، ابتداءً من العام 1935 في الصحف والمجلات العراقية والعربية غادر العراق في عام 1963 إلى منفاه الثلجي في سودرتاليا – السويد، .. ترجم أكثر من خمسين قصيدة لمار افرام السرياني نشرتها مجلة (شعر) التي كان يشرف على تحريرها الشاعران يوسف الخال وأودنيس في بيروت.. صدرت له المجموعات الشعرية: الموت واللغة / بيروت عام 1968 ويأتي صاحب الزمان / أسوج 1986 بالإضافة إلى مجزرة الأولى / مسرحية عام 1967 / ومجموعة ــ السفر داخل المنافي البعيدة ــ منشورات دار الجمل ــ ألمانيا، وكتب نثرية أخرى... نصوصه الشعرية تجترحها مخيلته الشخصية مقترنة بمحمولات ثقافته الميثولوجية والكونية، وأحيانا يقع القول الشعري عنده بين العفوية والمقاربة الفلسفية. وانكسارات الحياة اليومية، من هنا كان لنا هذا الحوار مع الأب الشاعر يوسف سعيد..وقد رحل عن عالمنا الشهر الماضي في احدى مستشفيات السويد. وهذا الحوار جرى معه عام 1987 اثناء زيارته لبغداد، ولم ينشر سابقا. * بداية، نود أن تعّرفنا على الشعر هذا الكائن الجميل...؟ - الشعر أسبوع أبيض، يتفاعل فينا، كتفاعل الأسابيع والشهور.. يعصب جبينه بمنديل شفاف، ثوبه أبيض كالصوف ناصع كالثلج عيناه لهيب نار، منطقته ذهبية الأطراف، رجلاه شبه نحاس نقي، صوته كهدير مياه كثيرة، تاجه مرسوم عليه سبعة كواكب، له سيف ذو حدين..عليه مسحة من أشعة ملونة، ذبذباته مقتطعة من جسد البروق، تخترق أحشاء الريشة، ليهدأ في قلب الحياة، يأتي مع سنوات الكشف غاسلاً جلده، مفلياً شعر رأسه، مسرحاً جدائله، آكلاً من قربان الضحية قرون أكباشها، معبأةً بزيت الخيالات تتداعى فوق لوحات الرب.. هذا هو الشعر، الشعر الآتي يحررني من قيدي، من عقدتي من ثقل سلاسلي. * أبونا، أنت تسند وظيفة حياتية كبيرة للشعر وسط فوضى العالم، ماذا تقول..؟- ألم أقل لك انه يحررني من عقدتي وسلاسلي، وكيف تكون وظيفة الشعر إذاً إن لم تُحرر الإنسان من عقدة الموت ونقله إلى رحاب الحرية، تربطني بالشعر علاقة باطنية، لا استطيع أن أبوح بها، لأنها ــ أصلا، لا تسمح لي بالبوح. تربطني بالشعر علاقات قوية بالحياة والعنفوان أرى شموخي فيه وانعتق من أنبياء المادة، متحرراً من قائمة الإحصاء... * أنت شاعر كوني متحرر من قيود العالم، ففي شعرك،هذيانات هائلة، كيف تكتب الشعر. كيف تولد عندك كل هذه الخلاصات وهذا التكثيف الشديد للعالم والأشياء...؟- سؤالك مهم وجميل جداً وفي الوقت نفسه عميق، أشكرك عليه،،،، بدءاً ؛ أقول لك بأني شاعر لا تحكمني الأرقام وماداتها، أترك الريح السمراء تبتلع جوعي.. ولتكن الضيقات مشايخ اضطهاد،سادة.. قادة، لا أهاب غربة التجربة العابرة عواصفها إلى عمق أعماقي.. محرِّكةً فيَّ بحيرة مرارتي. لأنني أصبحت نطفةً في مياه الشعر.. أغتسل في بحيراته فيموت ذباب تخومي.. أما البعوض الجارح فيحشر في أنفاق أرضِ تنشر أشلاء البرد فوق عنابر الفرح، لكم العبارات الفاضلة.. أعشاب.. قصائدكم تتحول إلى صيف الغبطة.. * إذاً أنت شاعر تتحرك عبر رؤيتك الشعرية في كل الاتجاهات..؟- بالتأكيد يا أخ شاكر، أنت شاعر حساس ووعيك بالحياة حاد جداً، تراني اطلع من أودية العثرة، النافق رعبه فوق أهداب الليل الثقيل، يلملم أصداء اليابسة في خزائن.. يرمق قفازاً
عندما أكتب الشعر تلتهب فيّ عاصفة الكتابة لأعبر إلى الإغماء المقدس
نشر في: 20 فبراير, 2012: 09:04 م