TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل: دولة الثروة.. والحيلة!

شناشيل: دولة الثروة.. والحيلة!

نشر في: 20 فبراير, 2012: 09:59 م

 عدنان حسينمشكلتنا التاريخية الكبيرة مع دولتنا في العهود السابقة أنها كانت المالك الأكبر للثروة، بل المالك الوحيد لها تقريباً، وهو ما جعلها تتغوّل في حق مواطنيها حدّ القتل الجماعي في الحروب وحملات القمع، لكن المشكلة ان تلك المشكلة التاريخية قائمة حتى الآن فدولتنا الحالية لم تزل أكبر مالك للثروة، وهي شبه متغوّلة، والخشية أن تتغول تماماً كسابقاتها.
والى جانب هذا فان دولتنا الحالية لديها صفة ذميمة أخرى هي انها أكبر محتال. وكلمة أكبر هنا تشير الى كم الاحتيالات والى مستوى ونوعية هذه الاحتيالات.دولتنا ( نقرأ: النخبة السياسية التي تتولى إدارة هذه الدولة) التي تتحكم بـ 99 بالمئة من الثروة التي تدر عوائد بقيمة تزيد عن 100 مليار دولار سنوياً، احتالت علينا  ولم تزل بالإعلان عن اننا نبني نظاماً ديمقراطياً فيما نظامنا الحالي لا يعدو كونه خليطاً من النظام ربع الديمقراطي نصف الدكتاتوري.ودولتنا احتالت علينا بالإعلان عن أن نظام المحاصصة الطائفية والقومية غير الديمقراطي هو ترتيب مؤقت سينتهي بنهاية الدورة البرلمانية والحكومية الأولى التي تلت الاستفتاء على الدستور الدائم، وها قد مرت الآن سنتان على اختتام تلك الدورة وهذا النظام مترسخ أكثر ومرغوب فيه أكثر من مديري دولتنا ومثير أكثر للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ودولتنا احتالت علينا بالإعلان عن أن الدستور الناقص الذي استُفتي عليه الشعب في عجالة سيُعدّل في غضون بضعة أشهر  لتلافي النواقص والثغرات، وقد مرّ الآن أكثر من خمس سنوات والتعديلات التي اقترحتها لجنة شكلها البرلمان السابق لم تزل موضوعة على الرفوف العالية أو في الأدراج العميقة.دولتنا احتالت علينا أيضاً بالإعلان غير مرة عن مواعيد محددة بالسنوات للتخفيف من أزمة الكهرباء ثم حلها، وقد حلّت تلك المواعيد وانقضت ومرت سنوات عليها والأزمة إياها على حالها.ودولتنا( نقرأ أيضاً: النخبة السياسية التي تتولى إدارة هذه الدولة)  احتالت علينا منذ سنة فقط بالتعهد بمكافحة الفساد المالي والإداري وترشيق الحكومة، وبزيادة مفردات الحصة التموينية وتحسين نوعيتها، وبإطلاق وظائف جديدة للخريجين العاطلين والتخفيف من مستويات البطالة والفقر، وبتنمية قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والزراعة والري والصناعة  والبيئة وخدمات النقل والصرف الصحي ونظافة الشوارع وسواها، وطلبت إمهالها مئة يوم للمراجعة ووضع برامج لتنفيذ التعهدات السالفة، وها قد مرت سنة كاملة ويبدو لنا ان زوال الحال من المحال بخلاف الحكمة القديمة القائلة: دوام الحال من المحال!مناسبة هذا الكلام كله، الكلام عن نية الحكومة التقدم الى مجلس النواب بمشروع قانون لزيادة مخصصات ذوي المناصب الخاصة بنسبة 30 بالمئة. واذا حدث هذا فان دولتنا تتحفنا بحيلة أخرى، فهي تحت ضغط التظاهرات في ساحات التحرير اضطرت في العام الماضي الى تخفيض هذه المخصصات بنسبة 40 بالمئة، وبنتيجة المشروع الحكومي المزمع ستكون نسبة التخفيض 10 بالمئة. انها حيلة كبيرة تشبه حيلة تحويل معظم وزارات الدولة الملغاة بموجب الترشيق الحكومي (!) الى مستشاريات ووزرائها الى مستشارين بالامتيازات نفسها!ما الحل؟ .. انه في رفع يد الدولة عن الثروة لتصبح دولة خادمة لمواطنها لا سيدة عليه ومتغوّلة في حقه ومحتالة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram