TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > منطقة محررة: في البحث عن كافافيس في إسطنبول

منطقة محررة: في البحث عن كافافيس في إسطنبول

نشر في: 21 فبراير, 2012: 07:31 م

 نجم والي2-2لماذا شطبت اسطنبول الشاعر من ذاكرتها؟ لم تفعل المدينة ذلك فقط مع كونتستانتينوس كافافيس، إنما فعلت ذلك مع جورج فوتياديس أيضاً، مع فنانين آخرين، أمثال كاراتودوريس ومابروكورداتوس، أولئك اليونانيين الذين أغنوا كوزموبوليتية هذه المدينة. ما أن ينطق المرء باسم أحد اليونانيين القدماء، حتى يرن الاسم مثل صدى ضرب الأقدام على حيطان قاعات كبيرة خالية. اليوم يعيش في اسطنبول قرابة 2000 يوناني. ذات يوم، كانوا أكثر من ذلك العدد بمائة مرة. أغلب اليونانيين هم من الشيوخ. لا أحد من الشباب يريد البقاء هنا، الطائفة اليونانية صغيرة جداً، لكي تعد أحداً منهم بالمستقبل.
من يريد في اسطنبول أن يأخذ على عاتقه العناية بالمكان الذي أقام فيه الشاعر، الراديكالي النزعة ومؤسس الشعر اليوناني الحديث؟ أين يجب البحث، حيث كل الآثار قد محاها الزمن؟ فقط يورغوس أدوسوغلو يستطيع المساعدة. رجل طاعن بالسن، يلبس بنطلون، بيجامة نوم مخططة، رُسم وشم على ذراع يده اليمنى، جلس مستنداً إلى كرسي عريض يصر عند تحركه. أدوسوغلو الغاطس في الكرسي، يتحدث الإنكليزية والألمانية والفرنسية، وعندما يبدأ في الحديث عن الأسماء القديمة "للعوائل الأرستقراطية في حي ينيكوي، كما يسميهم، يصبح من الصعب مقاطعته أو إيقافه عن الكلام. "لقد كانوا يبدلون ملابسهم مرتين أو ثلاث مرات في اليوم"، يقول تلك الجملة بحسرة، ولأكثر من مرة واحدة.أدوسوغلو ذاته لم يكن من طائفة النبلاء، أمه جاءت من المدينة الروسية "سيباستوبول"، بينما جاء الأب من "قيصري". أما هو فقد كان "كارامانلي". ذلك هو الاسم الذي يُطلق على كل أولئك الذين يكتبون اللغة التركية بالحروف اليونانية. هل كان أدوسوغلو يحسد السادة الأنيقين؟ إذا كان الجواب نعم، فهو كان قد نسي ذلك، فباستثناء الكرب لم يبق شيء من ذلك الوقت. يحزنه جداً اختفاء الجميع كأن المدينة لفظتهم مع كل موجات التهجير والطرد العديدة التي حدثت بعد الحربين العالميتين والسنوات التي بينهما. وخلال أزمة جزيرة قبرص. "أفينغيديس"، هو الاسم الذي كان يُطلق على آخر العوائل الهيلينية الباقية في ينيكوي، يقول أدوسوغلو، المولود في العام 1919.عام 1925 صدر العدد الأول عن صحيفة Apojevmatini، التي يرأس تحريرها اليوم أدوسوغلو منذ قرابة عشرين عاماً. الصحيفة التي تُطبع بالحروف اليونانية تصدر بأربع صفحات يومياً. لا يفرح الرجل عند الحديث عن عدد نسخ الجريدة التي هي "بعدد اليونانيين الموجودين". "إذا كان هناك شاعر يوناني ينتسب إلينا فهو الشاعر كفافيس"، يقول الرجل المسن. لكن هل يعرف المكان الذي سكن فيه الشاعر لمدة ثلاث سنوات قبل أن يعود إلى الإسكندرية؟ هل ما زال هناك بيت جده فوتياديس أم هُدم؟ من الصعب على أدوسوغلو الذي باغته السؤال كما يبدو تكوين صورة، لماذا لم يغادر الصحفي الشيخ مثل الآخرين؟ بسبب الجريدة التي لم تعد تملك أي قارئ تقريباً؟ "لقد رأيت العالم كله تقريباً، لكن اسطنبول هي التي أحب".على عكس اليونانيين الأحياء الذين لا يتذكرون أسلافهم، فعل كونستاتينوس كافافيس كل ما في وسعه للنبش عن أسلافه. ذلك ما شغل به نفسه طوال سنوات إقا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram