TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات: وحدة العراق

كردستانيات: وحدة العراق

نشر في: 21 فبراير, 2012: 08:21 م

 وديع غزوانالحقيقة التي ظلت غائبة عن عقلية عدد غير قليل من متعاطي السياسة في العراق أن الوحدة الوطنية تبقى في خطر كبير ما دام هناك من يتعمد تسويف مفهوم المواطنة وتحريفها عن مضامينها التي تعني أولا التعامل مع جميع العراقيين بمنظار واحد يحفظ حقوقهم ويحفّزهم على أداء الواجبات . 
 ويخطىء أكثر من يتوهم عدم الحاجة إلى فعاليات وحملات توعية وتثقيف لإعادة الاعتبار للمواطنة ،باعتبارها ركيزة أي وحدة  وعماد استمرارها ، بعد كل ما أصابها من تشويه في العقود الماضية التي مسخت هذا المفهوم وشنت ، تحت رايتها ، أقسى حملات القمع والإبادة في الأنفال وحلبجة وغيرهما ، ما جعل وحدة العراق مهددة دائماً  بالصميم . تلك الصورة المؤلمة كان لابد من أن تلقي بظلالها على طبيعة العلاقة بين مكونات المجتمع العراقي ،بسبب عقليات مريضة وثقافات تتنكر لأبسط حقوق الآخر، وهذا ما كان ينبغي الانتباه له  بعد 2003  وبذل جهداً وفعلاً يؤسس لإعادة الثقة على أسس صحيحة بين ما يسمى المركز وبقية أنحاء العراق بما فيها إقليم كردستان . ليس من المنطق في شيء ولا المعقول مطالبة الآخرين بتناسي جراح الماضي القريب والبعيد والشعور بالأمان ، في وقت تتعالى الاتهامات هنا وهناك بالتفريط بوحدة العراق لمجرد أن يعبّر طرف ما عن تطلعاته بحقه في تقرير المصير ، دون أن يصدر عنه أي سلوك أو مطالبة يشم منها رائحة الانفصال ، بل وضرب كل التصريحات التي تؤكد حرصهم على العملية السياسية ووحدة العراق . وقد لا يكون تصريح رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في الاحتفال بالذكرى 59 لتأسيس اتحاد شباب كردستان الأخير في تأكيد رغبة كردستان في العيش ضمن عراق اتحادي فأعلن استمرار الإقليم ببذل جهوده لحل المشاكل في بغداد وأنهم بانتظار انعقاد المؤتمر الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية جلال طالباني .إن غالبية الشعب بمختلف مكوناته :عربا وكردا وتركمانا وكلدو آشوريين وغيرهم ما زالوا يستذكرون سنوات النضال  المشترك التي جمعتهم من أجل  عراق ديمقراطي اتحادي يسع الجميع ، غير أن هذا لم يأخذ حيزه من التطبيق بعد 2003 وكرست المحاصصات بأسوأ أنواعها بدلاً من المواطنة ، وصرنا نرى ونلمس إجراءات ونسمع تصريحات لا نملك إزاءها إلا التشكيك بجدية التوجه نحو الديمقراطية .. سلوكيات تنم عن الحنين إلى التعامل بطريقة القبضة الحديدية ما يكرس مع الأسف مفاهيم عدم الثقة مرة أخرى  ، ويشجع الآخرين على المطالبة بتحويل المحافظات إلى أقاليم  كحق دستوري ، مع قناعتنا بمحاولة البعض استغلال هذه المطالب لأغراض سياسية ضيقة  .  ما نريد أن نقوله باختصار سبق أن قيل  أكثر من مرة  وهو لا يحتاج إلى إثبات ، فالشعب العراقي مجموعة مكونات صغيرة أو كبيرة لها الحق جميعاً بأن تتمتع بخصوصياتها القومية وتعبر عن أحلامها  بالطريقة المناسبة وفي إطار الدستور ، وأن من واجب المركز الحرص أكثر من غيره  على  تأكيد حقوقها بصورة تحسسها بالأمان ، بدلاً من أساليب التشكيك والتخوين والتهديد والوعيد التي لم يبق لها مكان عند كل العراقيين . ما نحتاجه كشعب أكثر من وعود وكلمات ، بل أفعال وسلوكيات تزيح ما أصاب مفهوم وحدة العراق من صدأ ،وليس غير طريق الديمقراطية من يحقق ذلك .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram