حميد المطبعي١ ـ بانه احدى صلات الوصل بين العرب والاكراد (كما في الوثائق الوطنية). ٢ ـ وانه حافظ علي استمرار روح الثورة في الاجيال الكردية (كما في الوثائق الروسية) . ٣ ـ وانه بندقية غاضبة (كما نعتته الوثائق الانكليزية).
أما شعبه الكردي فكان ملهما له ووجدانا وقاعدة شرارة لم يخمد اوارها برغم عنت السنين، واصبح منذ نهض ثائرا في تحرير كردستان أبان الحرب العالمية الاولى، جزءا عضويا من تراث الكرد القومي، جزءا يغني ويسجل ويؤرخ!.. كان الشيخ الحفيد للمؤرخين حصتهم الجميلة أيضا لانهم اكتشفوا فيه مصدرا مهما أعانهم على حل بعض اشكاليات الحرب العراقية البريطانية ومفاصل ضرورية في ثورة العشرين، ولولا الشيخ وتراثه الوطني الموثق في الدوائر الوثائقية الاجنبية لغمط العديد من المؤرخين حق الشعب الكردي باسهاماته في الثورة العراقية الكبري . وهو نسيج على تاريخه العضوي: مصدر يوحي بالكثير لاغناء تاريخ جمعي، ركب بأصالة بنائه بين العرب والاكراد من جهة، وبينهما وبين اثنيات تلاحمت في النضال العربي ـ الكردي من جهة أخري، كان اشعاعا يدفع باشعاع آخر. وكان ينادي عليه بكلمة (الشيخ) وهذه الكلمة اقترنت به في الوثائق الرسمية (الوطنية والاجنبية) أيضا وما زالت أجيال الباحثين تضفي عليه (الشيخ) ان بحثت في أي أمر من أموره فماذا تعني كلمة شيخ؟ ولماذا لقب بها؟ هو شيخ لثلاثة مواقع: ١ ـ شيخ طريقة تصوفية (القادرية) وقد ورث شيخية الطريقة بتسلسل آبائه وأجداده في مدينة السليمانية وكان لهم الهيمنة الروحية عليها اطلاقا.. ٢ ـ شيخ دين بعد ان أكمل دراسة العلوم العقلية والنقلية على علماء كردستان وعلماء أركان أسرته، وظل حتى أخرياته يكتب الشعر ويتفقه في الاصول والفروع الشرعية.. ٣ ـ شيخ عشائر (البرزنجية) الذين وجدوا في قرية (برزنجة) منذ زمن طويل، وتقع برزنجة (وتعني الارض الخضراء) في الطريق المتجه الي حلبجة في السفح الجنوبي لجبل كروكجاو، وعشائر برزنجة سادة علويون يرجعون الي ذراري الابن الاكبر للامام موسي الكاظم وهو (اسماعيل المحدث) ومن ذراريه الشقيقان (موسي وعيسي) وموسي كان عقيما بينما كان عيسي خصب الولادات، فقد تسلسل السادة البرزنجية من صلبه فكان جدهم الاعلى،فكيف تم هذا الربط النسبي،تقول رواية قديمة ان شيخين علويين هما (عيسى وموسى) وهما من مكة قيل لهما في رؤيا ان يرميا حجرا أسود فأينما استقر الحجر فعليهما ان يبنيا في موضعه جامعا، فسقط الحجر كما تذهب الرواية في موضع برزنجة الحالي ونزل مع سقوط الحجر الشقيقان وأسهما في بناء الجامع الذي مازال شامخا الي الآن ومنذ سنة ٦٥٦ هجرية، وثمة روايات أخرى عن نسب البرزنجية مبثوثة في كتب المؤرخين الاكراد لكنها لا تخرج عن علويتهم وصلتهم بجدهم العلوي السيد عيسي بن علي الهمداني الحسيني.. فالشيخة أصيلة بأصالته وأصالة منازل أسرته، فأبوه الشيخ سعيد شيخ العلم وشيخ الطريقة وجده الشيخ كاكا أحمد المؤلف المؤرخ وجده الاعلي (العلامة معروف النودهي) كان بحر زمانه وضربت شهرته في آفاق العالم الاسلامي، ومعروف هو أبن العلامة مصطفى بن أحمد النودهي البرزنجي الحسيني المتصوف الشهير،وكان هؤلاء محيط الشيخ محمود الحفيد علما وأخلاقا وفضائل وفيه كانت ولادته في طول السليمانية وعرضها.. وألقيت عليه دروس الشرعيات وهو في سن التمييز، وقرأ اللغات الشرقية والبلاغيات الكردية والفارسية وكان بعمر الفتى، وكرس شبابه للتصوف كتبا ومعارف وروحانيات، وفي عشرينياته رافق والده الي الاستانة، وفي جلسة مع السلطان عبد الحميد الثاني سأله السلطان: ماذا درست؟ قال: الشيء الذي يغيب عن الآخرين، وساد صمت، حتى علق السلطان علي جواب الشيخ محمود قائلا: (انت تتخيل في أفق بعيد) ثم منحه شكرا ووساما سلطانيا.. حادث غامضوبعد خمس سنوات أي في سنة ١٩٠٩ قتل والده الشيخ سعيد في الموصل (في حادث غامض) وعلى اثره أعتقل الشيخ محمود وقام اضراب في أرجاء كردستان احتجاجا على اعتقاله أجبر الاتراك على اطلاق سراحه، فعاد الى السليمانية ١٩١٠ كأنه نبوءة ثورة كردية قادمة، وجاءت اليه الوفود تهنئ فيه كرامة الاكراد، وقدمت العشائر بيعتها له، وكادت الاسرتان البرزنجية والبارزانية تلتحمان في ثورة واحدة ومشى الشيخ الي النار المقدسة..! وتقوم الحرب العالمية الاولي ١٩١٤ والعراق احدى جبهاتها، وها هم الانكليز يشعلون جبهة الفاو ثم البصرة، والشيخ محمود يستعد للمفاجآت، ويأتيه من يسلمه فتاوى الجهاد الصادرة من النجف ويرد عليها: (أيها الشيخ بلغ العلماء نحن قادمون)، وزحف على رأس جيش من مجاهدي الكرد ( ٢٠٠٠ ) فارس، ويمرون علي أرياف الفرات الاوسط وقرى جنوبي العراق وهناك في موضع (الشعيبة) يلتقون بقرب البصرة ثم يجتمع المجاهدان محمد سعيد الحبوبي والشيخ الحفيد وكلاهما رفع يده الي السماء: (اليوم يعانق السيف بسيف ويجاهدان) لكن الاتراك يهربون ويحزن القادة ويرجع كل الى أرضه و
محمود الحفيد .. مؤسس أول إمارة كردية عمّق الصلات بين عرب العراق وكرده
نشر في: 7 أكتوبر, 2009: 05:19 م