علي حسين معظم سياسيينا روجوا للعديد من الأكاذيب وصدقوها، وطلبوا منا أن نؤمن بها، ولعل أبرزها أنهم مكلفون شرعا بحكم هذا الشعب وتولي أموره، وأنهم ليسوا بشرا مثلنا يصيبون ويخطئون، بل هم نوع نادر من الملائكة يحلقون بأجنحة بيضاء، وجوههم سمحة لا يأتيهم الباطل من خلفهم ولا من أمامهم. ولهذا هم يطالبون دوما بتنظيم حملات وطنية لدعوة جميع العراقيين لأن يخرجوا كل يوم الى شوارع المدن والقرى رافعين أيديهم بالشكر على هذه النعمة التي يعيشون فيها مع سياسيين.
يعتبرون الدفاع عن اخطائهم وخطاياهم واجبا على كل مواطن، فبعد ان اخبرنا طارق الهاشمي بأنه سيكشف حقائق مهمة تغير مجرى القضية المتهم بها خرج علينا ليعلن ان الدفاع عنه "فرض عين على كل مواطن شريف"، طبعا الهاشمي لم ينس ان يخبرنا ان قضيته لا تتعلق به وحده وانما هي قضية كل العراقيين من الفاو الى زاخو. ما صرح به الهاشمي يحتاج إلى إنسان يملك عقل كمبيوتر، وقلب رجل شديد الإيمان والصبر، كي يتحمل ما قاله كاهن السياسة العراقية، الذي يريد ان يقنعنا ان بقاءه في المنصب ودفاع الناس عنه فريضة شرعية على كل مواطن، طبعا الهاشمي لم يختلف عما اتحفنا به من قبل نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي الذي اصر على تولي المنصب لأنه يعتقد ان الامر هو تكليف شرعي واجب التنفيذ .سنحاول أن نكون طيبين وساذجين ونصدق أن بعض المناصب إنما هي هبة ينعم بها المسؤولون على العراقيين وعليهم الحمد والشكر على هذه النعمة، وسنكون أكثر سذاجة ونصدق أن السعي للمنصب عند بعض السادة المسؤولين هو خدمة وطنية أكثر مما هو منفعة شخصية وبدليل أن المتقدمين للمناصب طالبوا بأن لا تخصص لهم رواتب عالية وأن تحذف فقرة المنافع الاجتماعية وأن يقلص عدد الحمايات وأن لا يطالبوا ببدل إيجار ولا مخصصات إضافية، وإنما سيعملون ليلا ونهارا لخدمة الناس وإرضاء رب العالمين، وسنكون أكثر سذاجة ونؤمن بأن معظم مسؤولينا لم يهدروا المال العام بمشاريع وهمية ولم يفتحوا باب وزاراتهم للأقارب والأحباب ولم يغتنوا، وأن عصرهم يمثل مرحلة ازدهار للدولة العراقية وعليه فإن اختيارهم إنما هو تقدير ومكافأة لما قدموه لهذا البلد من خدمات جليلة.يمكن أن نفسر الأمر باعتباره نوعا من الميل الغريزي إلى الكوميديا، والضحك في أصعب المواقف وبغير ذلك أظن أنه من المرهق جدا محاولة فهم الخطوة التاريخية المباركة التي قرر الهاشمي اتخاذها وهي دعوة العراقيين جميعا الى "التصدي لمؤامرة استهداف الهاشمي والذود عنه بات فرض عين واجب الأداء على كل مواطن يتطلع إلى عراق خال من الجور والظلم والفساد".ليس لنا اعتراض على أن يتحرك السيد الهاشمي بالمساحة المسموح له بها كرجل سياسة، ولكن من غير المعقول أن يتحرك طوال الوقت على اعتباره مبعوثا من العناية الالهية وفي الوقت نفسه قائداً لمعارضة وهمية لا وجود لها على ارض الواقع وأظن أن الرجل يمد حبال أحلامه أكثر من اللازم. كلام الهاشمي يؤكد بالدليل القاطع ان ساستنا لم يتعلموا بعد كيفية ممارسة الديمقراطية ومن سوء حظنا انه بعد تسع سنوات من التغيير ما يزال البعض يتحدث بلغة القائد الضرورة حيث يسعون وبقوة إلى بناء أصنام جديدة ويؤكد ايضا ان العديد من ساستنا لديهم ميل غريزي إلى الكوميديا، والضحك في أصعب المواقف وبغير ذلك أظن أنه من المرهق جدا محاولة فهم الخطوة التاريخية المباركة التي قرر الهاشمي اتخاذها. ولهذا فمطلوب من العراقيين اليوم ان يرفعوا ايديهم بالدعاء إلى الله تعالى أن يديم علينا هذه النعمة من الزوال، ومطلوب من وسائل الاعلام ان تكرس برامجها من أجل السعي لتوجيه مسار تظاهرات يوم 25 شباط باتجاه رفع شعارات الشكر على النعم التي لا تحصى، وأن يكون شعار تظاهرات الجمعة القادمة "الشعب يريد ان يضحك مع الهاشمي".
العمود الثامن :اضحك.. أنت مع الهاشمي
نشر في: 21 فبراير, 2012: 11:12 م