 وديع غزوانلانبالغ إذا قلنا إن أكثر ما يعقّد أزماتنا ويجعل حلها يبدو عصياً، هو ذلك التزمّت وعدم المرونة في الخطاب السياسي الذي يبدو جلياً في تصريحات السياسيين التي تفوح منها رائحة محاولة فرض وجهة نظر واحدة تؤدي بالتدريج إلى الاستبداد والتسلط دون أن ينفع أستار الديمقراطية والشراكة الوطنية التي ستتحول إلى مجرد كلمات نلوكها ونمرر باسمها خطايانا واستهتارنا الذي يصل حد محاولة التلاعب بمشاعر المواطنين واستغلال حرصهم المتناهي على العملية السياسية .
 وبغض النظر عن الأسماء التي اعتدنا  عدم الإفصاح عنها لأنها برأينا المتواضع تضيّع الهدف العام وتفقده معناه ، فإنه لأمر يثير الاستغراب محاولة نائب  من دولة القانون جعل جهة سياسية واحدة فقط  هي الحريصة على البلاد والعباد وكل ما سواها إما " وسيط " أو  "يفتعل الأزمات " . فهذا النائب و في معرض تعليقه على نتائج الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر الوطني يدّعي بأن " الجانب الكردي يتخيل أنه وسيط في هذا المؤتمر والحقيقة أنه شريك.. "وأن" القائمة العراقية تتخيل أن المؤتمر لحل المشكلات العالقة وأحيانا المفتعلة من قبلها.. "وهو في كل ما قاله لا يستند إلى وقائع بل يناقضه  ناهيك عن أنه ليس من المناسب إطلاق مثل هذه الكلمات النارية في هذه المرحلة بالذات .  ليس واجبنا الدفاع عن الكرد ومواقفهم الواضحة كما الشمس من أجل العملية السياسية والعراق بشكل عام، ولا عن "العراقية" فلكل واحد منهما نواب أو متحدث باسمهما، ولانشكك بدور أطراف التحالف الوطني وتوجهاتها لإنجاح جهود عقد المؤتمر لكنا وبصراحة نضع أيدينا على قلوبنا ونحن نسمع أو نقرأ مثل تلك التصريحات الأحادية الجانب والتي تفصح عن بقايا عقلية فردية تنظر للآخرين باستعلائية، وكأنها الوحيدة القادرة على إنقاذ العراق وتخليص شعبه من معاناته. ولكي لا يتهمنا البعض بالتجني على هذا النائب وربما يمنحنا الحق في نقده  ،نشير هنا إلى فقرة مكملة لحديثه الذي لا يقبل الشك بمحاولة سعيه لتجيير الإيجابيات لصالح طرف آخر عندما يقول  "إن التحالف الوطني جاد في  أن يسحب الأطراف الأخرى الأساسية في العملية السياسية ، وتحديداً العراقية والتحالف الكردستاني إلى أن يتحد فهمهم لهذا المؤتمر ورسالته " التي حصرها  -كما يبدو- بورقة التحالف الذي " يعمل من اجل مؤتمر إعادة نظر في أسس بناء الدولة العراقية ، وما أفرزته من فراغات وخلل ونحاول أن نعالج هذا ونضع بناءات سليمة تتضمن شراكة متناهية الشفافية " . ليس من حقنا مصادرة حق هذا النائب في الدفاع عن وجهة  نظر الكتلة التي ينتمي إليها ، كما أننا  لا ننكر دور التحالف الوطني في توطيد أسس العملية السياسية ،   لكن  هذا نفسه  يدفعنا للتوقف عند مثل هذه التصريحات لأنه ليس من حقّ احد أيضا  سلب أو محاولة طمس دور الآخرين وبالأخص الكرد كونهم وطيلة المرحلة الماضية تصرفوا كشريك ونبهوا مبكراً على بعض الأخطاء ، لذا فإن وصفهم بـ " الوسيط " فيه تجنٍ كبير  ،إضافة لكونه ينم عن سلوكية يسكنها وهم ثقافة الحزب الواحد ، وهذا ما لا يريده الشعب بمختلف مكوناته .