علي حسينقبل نحو شهرين خرج علينا السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ليحذر من الربيع العربي حيث قال بالحرف الواحد : " لا ندري كيف تستقر الأمور وعلى أي قاعدة وكيف ستنطلق الدول في عملية البناء والتماسك"، مضيفا أن "الاحتجاجات التي تشهدها بعض البلدان لن تكون ربيعا، بل ستتحول إلى خريف". وبالامس فقط قال المالكي نفسه وهو يستقبل الوفد الشعبي الليبي :
" ان ارادة الشعوب هي التي تنتصر في النهاية فجميع الثوراة العربية بحاجة الى الصبر والاستفادة من التجارب التي سبقتها " وما بين هذين التاريخين خرج معظم المقربين من المالكي يحذرون من ان ثورات الربيع العربي ما هي إلا مزيد من الفوضى .هكذا بين ليلة وضحاها تحول الخريف الى ربيع مزهر، واصبح العراق الذي كان يخشى الفوضى العربية يعيش اليوم ربيع الحرية والتعددية التي سبقت الربيع العربي على حد تعبير المالكي. بعد هذا الكلام الغريب والعجيب، وإذا كان هناك من نصيحة مخلصة إلى العراقيين جميعا فهى ضرورة أن يتوقفوا عن سماع خطب الساسة ، ان يشيحوا بوجوههم عن كل سياسي يختطف مايكروفونات الفضائيات ويفرض نفسه صانعاً لمستقبل البلاد، ويريد ان يوهمهم بان تسع سنوات من المحسوبية السياسية والانتهازية والمحاصصة الطائفية هي تجربة عظيمة يمكن لدول العالم أن تحتذي بها، بهذا الاعتبار فقط يمكن قراءة ما قاله المالكي امس ان الثورات العربية بحاجة الى الاستفادة من التجارب التي سبقتها ويقصد بالتاكيد التجربة العراقية ، طبعا لم يفته ان يخبرنا بانه يرى في العراق ما لايراه ثلاثون مليون مواطن مشاغب ، سيقول البعض ان السيد المالكي يتلمس علامات الرفاهية والانجازات في ما يراه على وجوه المقربين منه وانه لا يرى من الشعب إلا من أسعدهم زمانهم وانضموا إلى جوقة السياسيين، وبالتأكيد لم ينس ايضاً أن يخبر الأشقاء الليبيين بعدم الالتفات إلى تقارير المنظمات الدولية التي وضعت العراق على رأس قائمة الدول الأكثر فسادا، وان تقارير عن انتشار الرشوة وسرقة المال العام وغياب الخدمات وتدهور الحريات المدنية ما هي إلا أضغاث أحلام في رؤوس منظمات تسعى لتقويض العملية السياسية في العراق وتنفذ أجندات خارجية هدفها النيل من الانجازات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الماضية، بالتأكيد أنا لست ضليعا في شؤون السياسة والاقتصاد، كما هو حال بعض ساستنا، لكني أعرف وأرى في بلادنا شباباً تضيق بهم سبل الحياة لأنهم حرموا من فرص العمل، وأعرف كما يعرف غيري أن مؤسسات الدولة التي يفخر بها السيد المالكي تحولت إلى إقطاعيات تملكها الأحزاب والقوى السياسية، وأرى كما يرى الجميع أن المناصب والمسؤوليات في بلادنا لاتمنح وفقا لمعايير الكفاءة والتفوق، بعد أن أطلقنا خيول النفاق والتزلف والمحسوبية على أعنتها. وبعيدا عن تقلبات خطب السيد المالكي وتعرضها لهبوب الريح احيانا دعونا نتساءل، هل حقا نحن نعيش اليوم عصر الازدهار؟ وهل انتهت وتبخرت كل المشاكل لنقول إننا نجحنا في عملية استثمار ثروات البلد.لا أعرف كيف تسنى للسيد المالكي أن يقول إننا نجحنا في الإعمار وبناء المؤسسات ونحن لا نزال نعيش في دولة لم تحدد أهدافها بعد. كان يمكن للسيد المالكي أن يوصي الليبيين بتجنب ما مررنا به من محن وويلات، كان يمكن أن يوصيهم بالابتعاد عن مبدأ المحاصصة السياسية، وتجاوز الماضي والسعي لمشاركة الجميع في بناء ليبيا، كان يمكن ان يحذرهم من الانشغال بالانتقام واقامة محاكم التفتيش واجتثاث المناوئين في الرأي. ماذا اقول للوفد الشعبي الليبي ، سامحكم الله لقد قلبتم علينا المواجع، وأفضل عقاب لكم أن نهدي اليكم النائبين عباس البياتي وعالية نصيف كي تقضوا معهم من على شاشة التلفزيون الليبي اجمل سهرات العمر.
العمود الثامن: الاشقاء الليبيون.. تقبلوا هذه الهدية!!
نشر في: 22 فبراير, 2012: 11:20 م