حازم مبيضين في ظاهر الأمر يأتي انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس، بعد فشل مجلس الأمن والجهود الدولية والعربية، في وضع حد لما يجري في بلاد الشام، منذ ما يقارب السنة، وهو يهدف إلى تصعيد الضغوط ضد النظام السوري، ويسعى لتوحيد قوى معارضيه تمهيداً للاعتراف بهم كممثلين للشعب السوري، وفي تطور لافت، وعشية انعقاد المؤتمر، بمشاركة وزراء الخارجية العرب، وممثلين عن الدول الغربية، ومقاطعه روسيا،
أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن المجلس الوطني السوري هو ممثل ذو مصداقية للمعارضة السورية، وبالتزامن مع هذا التصريح، أعلن مسؤول أميركي كبير، أن خطة مساعدة إنسانية دولية ستعرض على المؤتمر.المجتمعون في تونس ليسوا على قلب رجل واحد، وذلك طبيعي، ما دامت المعارضة السورية على هذا الحال من التشظي، حتى أن هناك بيانين ختاميين تقدمت بهما قطر وبريطانيا، يتنافسان على الصدور على ما فيهما من تقارب، غير أن البيان المصاغ في الدوحة يبدو أكثر تشدداً، وهو يدعو لإنشاء صندوق إنساني للمساهمات المالية، يهدف إلى تنسيق العمليات الإنسانية لمساعدة الشعب السوري، وينص على ضرورة حشد التأييد، لدفع مجلس الأمن لإصدار قرار بتشكيل قوات حفظ سلام عربية أممية، لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار، ويحث جميع الدول على وقف كل أنواع التعاون الدبلوماسي مع ممثلي النظام، بجميع دول العالم وفي المنظمات الدولية، وأهم ما فيه دعوته للاعتراف بالمجلس الوطني السوري، ومدّه بجميع أنواع الدعم السياسي والمادي.اجتمع الأصدقاء برعاية أول عواصم الربيع العربي، وهم يحملون آمالاً عريضة لمواجهة واقع عصيب، يتعرض فيه الشعب السوري لمأساة شديدة القسوة، فيما تنزلق البلاد إلى حرب أهلية باتت واقعاً رغم عدم الإعلان عنها، والواضح أن الأمم المتحدة تسعى للعب دور غيِّبه الفيتو الروسي الصيني في مجلس الأمن، وقد استبقت اجتماع تونس، بالإعلان عن تقرير لجنة تقصي الحقائق، التي شكلها مجلس حقوق الإنسان بالمنظمة الدولية، وتحدث التقرير عما وصفه بجرائم ضد الإنسانية، ترتكب في سوريا، بمعرفة وموافقة واضحة من أعلى مستويات الدولة، بما يعني إدانةً مباشرةً للرئيس الأسد، الذي قدم لشعبه دستوراً جديداً ليتم الاستفتاء على بنوده تحت القصف المتواصل في العديد من المدن السورية، وفي بلد يعترف إعلام النظام فيه أن طرقه لم تعد آمنةً ولا صالحةً للتنقل عليها.هل ننتظر شيئاً من تونس، غير حض المعارضة الممزقة على توحيد صفوفها، وتجميع قواها، لتكون قادرةً على القول إنها تمثل كل شرائح المجتمع السوري، وأنها تمتلك الحق بطلبها التدخل العسكري، لمواجهة عنف وقسوة النظام، بعد أن درست كل الخيارات، وجربتها دون نتيجة، ولم يبق أمامها غير أن تختار أهون الشرّين، التدخل العسكري أو الحرب الأهلية، ومع أن المجتمع الدولي رفض حتى اليوم التدخل العسكري، فإن ازدياد حدة العنف، ومصالح بعض الدول في تغيير النظام السوري، قد تدفع للجوء إلى هذا الخيار، وإن بطرق ملتوية، كتسليح معارضي النظام، بما يعطيهم قدرة السيطرة على بعض المناطق، وهو ما ألمحت إليه واشنطن مؤخراً، ومارسته بعض القوى الإقليمية واقعياً، وبغض النظر عن إمكانية أن يسفر ذلك عن اشتعال المنطقة برمتها.سوريا على حافة الهاوية، قلنا ذلك منذ شهور، ونعيده اليوم ونحن نرقب انزلاقها المستمر، ونرقب الصراع عليها وفيها بعين المشفق على شعبها، ولا نملك غير القول حمى الله سوريا وشعبها، ولكن بطريقة مختلفة عن أهزوجة نظامها القائلة: سوريها الله حاميها.. الخ.
في الحدث :أصدقاء سوريا .. ماذا فــي الجراب؟
نشر في: 24 فبراير, 2012: 10:21 م