علي حسين قال احد الزملاء : لقد شعرت بالخيبة وانا ارى الاعداد القليلة من المتظاهرين في ساحة التحرير امس ، فقد كان يتوقع اعدادا غفيرة لاسيما ان موعد التظاهرات جاء بعد يوم واحد من اعنف الهجمات الارهابية التي ضربت عددا من مدن بغداد والمحافظات في مؤشر آخر على فشل الحكومة. قلت للزميل لا تبتئس حتى لو كان عدد الذين خرجوا يوم امس مئة متظاهر فقط ، ففيهم كل الخير والأمل بمستقبل زاهر، ذلك أن الواحد منهم بألف ، فهؤلاء هم ضمير العراق النقي وروحه المغسولة بالشجاعة والبراءة،
الذين خرجوا في الأشهر الماضية والذين سيخرجون في الأسابيع المقبلة، إنما يعبرون عن آمال وطموحات الناس، يؤمنون بأحقية وطنهم في حياة أفضل، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وكعادتهم سيضربون المثل في نبل المقصد وروعة الهدف ونقاء الوعي بما نحتاجه من إصلاح سياسي. إن نداء الإصلاح والحرية يفتح أبوابه للجميع لكي يتنافسوا في حب العراق والحلم من أجله، سيخرج علينا الفريق قاسم عطا كعادته وسيقول كلاما مكررا من عينة إن "التظاهر حق مكفول ضمن الدستور العراقي"، داعيا أي "جهة ترغب بتنظيم التظاهرة إلى أن تتقدم بطلب إلى الجهات المختصة للحصول على الموافقة من اجل تأمين الحماية." طبعا الحماية التي يقصدها الفريق تتلخص في مئات من قوات الشغب المدججين بالعصي وخراطيم المياه لكي يؤدبوا المتظاهرين ، وسيخرج البعض من المقربين ليحذروا ويتوعدوا فلا تخشوهم، فهؤلاء اتخموا بفعل الفساد المستشري وهم اليوم يمسكون صولجان السلطة، يطلقون التصريحات، غير مدركين أنهم يلعبون بالنار، لقد مضت السنين من دون أن يلمس العراقيون تقدما أو تغييرا يساوي الثمن الذي دفعوه من اجل التغيير، بل إن المشهد الراهن يحمل الكثير من ملامح مرحلة القائد الضرورة، إن بهلوانات النظام السابق لا يزالون يتمتعون بكل الامتيازات، بل إن التركيبة السياسية للبلاد تضم أسماء لا تنتمي بأي حال من الأحوال إلى روح التغيير والديمقراطية التي ينشدها جميع العراقيين، ويكفي النظر لمسؤولين ونواب ومقربين من الحكومة لنكتشف أننا في في أي عصر نعيش، إن كل مطالب التغيير التي قامت بعد 2003 جرى الالتفاف عليها أو تعطيلها، وكأن هناك من يخطط بمنتهى العبقرية لتأجيج الغضب في النفوس، والإمعان في إحباط الناس ، إن الذين يدعون العراقيين إلى البقاء في البيوت إنما يرغبون في عدم فضح حجم الفساد الذي استشرى في البلاد.ألا تريدون أن تعرفوا مدى صحة التقارير الصادرة عن منظمات دولية بشأن تفشي الفساد والرشوة حتى أصبحنا في طليعة البلدان في هذا المجال؟ ألا تريدون يا أهل العراق أن تعرفوا من وراء الخلل الأمني الذي يحدث كل يوم؟هل تثقون بالأحزاب التي افسدت وانغلقت على نفسها وأصبحت إقطاعيات خاصة؟هل تريدون أن تعيشوا في بلدكم وكأنكم أسرى تنتظرون أن يعطف عليكم السيد المسؤول، وكأنكم عبيد تقفون في الطوابير بحثا عن أبسط حقوقكم، في حين تصل الحقوق إلى "الكبار" فهل خلقتم كي تعيشوا خدما لهم؟لم يعد الصبر ممكنا مع أسلوب الحكومة المتعالي المتجاهل لأبسط احتياجات المواطنين، ولا مع ما يفعله بعض الساسة بالبرلمان وبالحياة السياسية من تخريب واستهتار بمشاعر الناس.انتهى صبرنا وهذه هي الرسالة التي يجب ان نرسلها إلى الحكومة والبرلمان والقوى السياسية. لا صبر على فساد أو استبداد أو قهر بعد اليوم، لن نقهر بعد اليوم، شعار يجب ان يرفعه العراقيون بكل طوائفهم. لا حزب ولا حركة تقف وراء غضب العراقيين، الشعب وحده يعبر عن إرادته، الناس تريد ساسة ومسؤولين يتسارعون معهم نحو الديمقراطية والحرية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.. الناس تريد حكومة تفهمها وتستوعبها وتتفاعل معها، حكومة تعيش أوجاعهم وآمالهم وأحلامهم، حكومة لا تتستر على فاسد ولا تحمي خارجاً على القانون..والاهم حكومة لا تخاف من ساحات الوطن.
العمود الثامن :إنهم يخافون ساحات الوطن
نشر في: 24 فبراير, 2012: 11:01 م