وائل نعمة تنبري أحزاب سياسية ومؤسسات حكومية ومدنية عراقية مؤخرا بالدعوة الى تجديد دمائها وتغيير قيادتها من الشباب ، معليين فشلهم بالاعتماد على عدد من "الشياب" المتغطرسين الذين لا همَّ لهم سوى الالتصاق بالكراسي وممارسة التعجرف على شتى أنواعه. اسمع هذا الكلام كثيرا هذه الأيام في مؤتمرات وندوات وحركات احتجاجية في مختلف أجزاء البلاد، والدعوة جاءت متناغمة مع ما يدور من حولنا من ثورات الربيع أو الخريف العربي
(مهما تكن التسمية) والتي اخذ الشباب فيها الدور القيادي في تأجيجها وتصعيدها لدرجة التغيير السياسي وإسقاط الأنظمة، ولكني أشم من وراء هذا الموضوع رائحة أخرى أساسها "الاستنزاف" ، ربما أدرك قادة هذه التنظيمات سواء كانت سياسية أو مهنية بان النهاية ستكون لهم في كل الأحوال، كما حدث في تونس ويجري في مصر حاليا، فاستثمر الشيوخ والعجائز والملالي نشاط وقوة الشباب وقدرته على المطاولة لكسب الحرب ، ومن ثم حولوا المنجزات التي وجدها جاهزة من دون تعب الى جيوبهم ، وترك الشباب بعيدا عن المشهد السياسي وتقطع يده لو حاول أن يمدها على "الكعكعة " المأكولة بنهم ! أرى من خلال بعض الخطابات التي يرددها دعاة البحث عن الشباب كحل للجمود الذي تعانيه الكثير من تشكيلات حزبية أو مدنية نوعا من المغازلة والملاطفة سرعان ما تتحول إلى لغة خشنة وتصعيد "أنوف" بعد أن يجري الاحتكاك بشكل مباشر، وينكر القيادي العجوز دور الشاب المتحمس القادم مؤخرا إلى ميدان العمل ليتهمه باستصغار "من أنت"؟! تراه على المنبر يصدع رؤوسنا بالحديث عن تجارب تاريخية فشلت لعدم إسناد المراكز القيادية للشباب وأخرى نجحت لأنها ادركت اهمية هذه الفئة في تحريك عجلة العمل وحشد الرأي العام ، وأتمنى لو تمكنا من ملاحقة ذلك الخطيب "الحنجوري " إلى مكان عمله لوجدناه يتربع في قصره العاجي ويرفض النزول منه ، يتشدق بأمجاده القديمة ورصيده من أعمال وانجازات أسطورية، حتى هو كاد ينساها، فكيف يطلب منا تذكرها ؟! يسطر الخرافات عن بطولاته السابقة ويتلوها في جلسات مملة مع شباب صغار مستجدين في العمل مجبرين على سماعه، ويعدها صك غفران يقدمه كلما سألناه عن انجازاته الحالية !ويرفض "صاحبنا" كما غيره من "الشياب " – مع جلّ احترامنا للجميع – أن يترك محله للشباب بدعوى عدم امتلاكهم الخبرة ، ولكنني أرى ان "التكنيك" الذي يتميز به الشباب يتفوق أحيانا على الخبرة، لاسيما وان الكثير من الأعمال اليوم تحتاج الى استخدام وسائل الاتصال الحديثة، وهذا ما يجهله معظم كبار السن، وان تعلم بعضهم استخدام تلك التقنيات سيكون بطيئا ومعطلا للعمل. لا ادعو الى ركن "القدماء" او إزاحتهم عن العمل بل ارجو أن يفسحوا المجال ولو قليلا للشباب ويكفوا عن بخل إعطاء المعلومة، وأحيلهم الى حلاق اعرفه في مدينة الحلة يعمل في محل بسوق شعبي لأكثر من خمسين عاما تخرج من تحت موسه عشرات الحلاقين الشباب وهو يدعم كل متخرج بكرسي وبعض أدوات حلاقة دون مقابل إيمانا منه على الرغم من عدم امتلاكه شهادة دكتوراه كـ"مسؤولينا" بان الدورة الطبيعية للحياة تحتم أن تكون زمام الأمور في الغد بيد الشباب. ليتنا نملك أمثال هذا الحلاق في الكثير من المواقع الإدارية!
من داخل العراق :"شيابنا".. افسحوا المجال!
نشر في: 25 فبراير, 2012: 07:23 م