TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس :حوار فـي الطريق

قرطاس :حوار فـي الطريق

نشر في: 25 فبراير, 2012: 07:30 م

 أحمد عبد الحسين السيّدة التي أوقفتني أول  من أمس في شارع السعدون كانتْ قادمة من تظاهرة ساحة التحرير، حدستُ حين رأيتها أنها كانتْ تعرف طبيعة عملي، لكنها أسعدتني حين أخبرتني أنها ـ فوق ذلك ـ تتابع ما أكتبه يومياً، قالتْ لي إنها تعمل في وزارة ما، وسألتني: هل أنت مستعدّ لسماع العجب العجاب مما يحدث في الوزارة؟ قلت: هاتي، فبيننا وحكومتنا الرشيدة ما بين المعرّي وأهل زمانه حين خاطبهم قائلاً:
أراني الدهرُ منكمْ كلّ عجْبٍفما أنا بالعجائب مستزيدُ!قالتْ: سأحدثك عن إيفادات المستشارين والمدراء العامين، إنهم يذهبون كل شهرين تقريباً بإيفادات خصصتْ أصلاً لتدريب كوادر في الوزارة، ومع أن ذهابهم سرقة صريحة لفرصة آخرين يستحقونها، إلا أنهم يتمادون أكثر وجعلوا من الأمر سنّة سيئة، فليس هناك موفدون سواهم هم وأحبابهم "وأحياناً حبيباتهم"، أو تدري كم يتقاضون أثناء فترة إيفادهم؟ 400 ـ 500 دولار لليوم الواحد عدا مصاريف الطعام والشراب والنقل. هل تعرف أن في وزارتنا "في مقرّ الوزارة فقط وليس في فروعها" 15 مستشاراً، و16 مديراً عاماً، كلّ واحد منهم يحصل على 80 دولاراً فقط لشراء كارت موبايل؟ الغريب في الأمر أن هؤلاء يخلقون الإيفاد خلقاً وأصبح كلّ منهم متخصصاً بدولة معينة، فواحد يغادر شهرياً للقاهرة، وآخر لا يوفد إلا هو وموظفة بعينها إلى باريس، وثالث مدمن على إيفاد نفسه إلى سويسرا وهكذا!قالتْ لي: أرجوك دوّن هذه الأرقام في تلفونك لئلا تنسى، نثرية المدير العام للشاي والقهوة فقط 100 دولار شهرياً، موظفون كثر نسمع بهم ولا نراهم، قضوا فترة تعيينهم متنقلين من مطار إلى آخر، أما الموظفات فبعضهنّ ـ الجميلات منهنّ ـ لا يأتين إلا لتسلم رواتبهنّ قبل وبعد عودتهنّ من إحدى العواصم الأوروبية.قالت أيضاً: السادة الموفدون من مستشارين ومدراء، يتفقون مع حسابات الوزارة على تمديد فترة الإيفاد حتى لو كان الموفدون قد عادوا إلى بيوتهم، ويحتسبون لهم ثمن النقل بالسيارة من المطار إلى البيت 60 دولاراً لكلّ منهم.سألتني:عماذا تريدني أن أحدّثك، عن تحرشهم المستمر بالموظفات أم تريدني أن أحدّثك عن الشقق التي يستأجرونها في شارع حيفا لملذاتهم الخاصة؟ لم تجدني متحمساً لحديث كهذا، ربما لأن فيه تفاصيل خادشة لحيائها وأردت أن أجنّبها الإحراج، فقالتْ: يكفي أن أذكر لك أن الوزير "العادل" يصرف 60 مليون دينار سنوياً لشايه وقهوته فقط. قلت لها: هذا المبلغ أكثر بكثير مما يصرفه "أبو زهراء" صاحب مقهى البغدادي في منطقة "رخيته" خلال سنة كاملة. وضحكنا بأسىً.مرة قال الشيخ صباح الساعدي إن الإيفادات الحكومية تكلّف ميزانية الدولة أربعة مليارات دولار، وهي إيفادات لا نفع فيها ولا دفع، كحال أصحابها الذين لا نفع فيهم ولا دفع. حين سمعتُ كلام الساعديّ وقتها استكثرت الرقم وقلتُ لعلّ فيه مبالغة، أما الآن بعد كلام هذه السيّدة المحترمة فأنا موقن بصدق كلام الشيخ الساعدي.يحدث هذا في وزارة مشهورة بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. لكنّها لا تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. وهل هناك بغي وفحشاء أكثر من فساد صغار النفوس هؤلاء، الذين وضعتهم مقاديرنا التعيسة وحظّنا العاثر على رؤوسنا؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وفاة المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل

الداخلية: طرد أكثر من 4 آلاف منتسب وإحالة 15 ألف قضية إلى المحاكم

ائتلاف المالكي يحذر من عودة المفخخات والتهديدات الارهابية الى العراق

طقس صحو والحرارة تنخفض بعموم العراق

الفصائل تهدد "عين الأسد" بسبب احتمالات بقاء الأمريكيين فترة أطول في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram