TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > لمن تقرع أجراس الربيع العربيّ؟

لمن تقرع أجراس الربيع العربيّ؟

نشر في: 25 فبراير, 2012: 07:33 م

2 ـ 2 د. جاسم الصفار  جميع الانتفاضات الثورية الكبرى ابتداءً بكومونة باريس ومرورا بثورة أكتوبر في روسيا وحروب التحرير في فيتنام والجزائر وانتفاضة الشعب الإيراني وأخيرا تونس ومصر وليبيا كانت ترتكز على إيمان الجماهير بمشروع الأمل. مشروع كان يرى كل من ساهم في هذه المنعطفات التاريخية الكبرى وغيرها أنه مشروعه الشخصي وأن قيمته كوجود مرتبطة بانتصار هذا المشروع.
لقد ذكرت في مقالتي المنشورة في صحيفة (طريق الشعب) والتي كانت بعنوان "الاشتراكية والديمقراطية" أن دروس التجربة الإنسانية في القرن الماضي وتجارب المنطقة تفرض على اليسار الاشتراكي الديمقراطي خوض غمار نضال يومي صبور بأساليب ورؤى جديدة تدفع بأوسع فئات وشرائح المجتمع إلى التخلص من فكرة التغيير الآتي من خارجها ودون مشاركتها، وخاصة عبر الانقلابات المسلحة والثورات التي يجري الإعداد لها في الظلام، وتوجهها صوب مسار تاريخي تجري صيرورته بالاختيار الحر والواعي لبرامج التغيير الاقتصادي الاجتماعي. إن خلق تيار شعبي واع يعتمد مشروع أمل اشتراكي  متجدد هو الدرس الأهم من دروس الانتفاضات الشعبية. كما انه لم تعد دروس وعبر البطولات الفردية لرموز وقيادات اليسار في المعتقلات أو في الأهوار أو السهوب أو على قمم الجبال كافية وحدها في زرع القناعة في قلوب أجيال جديدة نشأت في عصر ثورة المعلومات.وهناك موضوعة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، وهي موضوعة الطبقة الاجتماعية التي تناط بها أحداث التغيير، وقد تناولت هذا الموضوع باقتضاب شديد في بداية هذه المقالة. فكارل ماركس عند تحليله الوضع الاقتصادي والاجتماعي في أوروبا الغربية في القرن التاسع عشر أفرز البروليتاريا كطبقة يناط بها إنجاز مهام الثورة الاشتراكية. وهنا يجب ملاحظة أن البروليتاريا ليست هي كل الطبقة العاملة، كما أن التغيرات الحاصلة في تركيبة النظام الاقتصادي الاجتماعي الرأسمالي منذ ماركس فرضت تغييرات حاسمة وعميقة على تكوينة الطبقة العاملة ككل وعلى تنوع فصائلها في إطار النظام الرأسمالي الاقتصادي الاجتماعي. ولكن القاعدة العامة في دراسة ماركس والتي بقيت تحتفظ بأهميتها هي تشخيص الطبقة أو التحالف الطبقي الذي يناط به إنجاز التغيير تبعا لأهداف هذا التغيير، وقد أوضح ماركس فكرته هذه بصورة مبدعة في نظريته عن "الثورة الدائمة". وبناء على ذلك فإن ترديد اليسار في أدبياته على انه يمثل حصرا، مصالح الطبقة العاملة، بغض النظر عن التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية القائمة، وانه يناضل بها ومن اجلها لتحقيق أهداف ديمقراطية هي ضرب من الخيال الثوري وليست مثمرة على الإطلاق ولا تفضي سوى لعزل اليسار الاشتراكي عن المكونات الاجتماعية الطبقية الأكثر طليعية اليوم في إحداث التغيير الديمقراطي.إن ما يثير الأسف، هو عمى الألوان "الولادي" عند معظم الأحزاب والقوى اليسارية في المنطقة العربية، فهي ترى الحاضر بألوان المستقبل وترى المستقبل بألوان الماضي. وإلا فما معنى أن تتبنى أحزاب شيوعية عربية في اللقاء 13 للأحزاب الشيوعية والعمالية المنعقد في أثينا في 9-12 ديسمبر 2011، شعار (إسقاط الرأسمالية وبناء الاشتراكية ضرورة ملحة بالنسبة للشعوب)....هل هذه هي مهام اليسار الآن؟ لا أعتقد انه من المجدي الانعزال عن العملية الديمقراطية في أي من حلقاتها إن توفرت الإمكانات لمساهمة فعالة في هذه العملية، مهما كانت النتائج المتوقعة، وخاصة في تونس. كما انه لا يجوز الاستنكاف عن الدخول في اتفاقيات براغماتية غير ستراتيجية مع الأطراف الأخرى في العملية السياسية، فلينين لم يستنكف عن الاتفاق حتى مع (ماخنو)، الذي كان يرأس عصابة من الفوضويين الأوكرانيين، في فترة الحرب الأهلية التي أعقبت ثورة أكتوبر. ثم أن هناك مساحة واسعة لعمل اليسار في بلدان الربيع خارج مؤسسات الدولة. فهناك النقابات والاتحادات المهنية، كما أن هناك منظمات المجتمع المدني وغيرها. وعلى أي حال فاليساريون في هذه البلدان هم الذين يحددون الأسلوب الأنسب لنضالهم، وليس لنا سوى أن نتمنى عليهم تجنب الأساليب الانعزالية الثورية والمبالغة في الشعارات الثورية، وكما يقول لينين "إن الخطر الأكبر، وقد يكون الوحيد، الذي يتعرض له الثوري الحقيقي هو المبالغة في الشعارات الثورية وإهمال الحدود والظروف المناسبة لتنفيذ الأساليب الثورية الناجحة".  إن تشتت قوى اليسار الماركسي في الدول العربية، ظاهرة طبيعية مرتبطة بظروف نشأتها. فمقارنة باليسار في أمريكا اللاتينية، كانت قوى اليسار في المنطقة العربية تعتمد كثيرا في صياغة مواقفها على المرجعيات الدولية بهذا الشكل أو ذاك، كما أنها تهتم كثيرا بالنصوص، تعيش فيها وتصنع أسلحتها منها. لذا فهي لا تهتم كثيرا في أنها تنمو في اغلبها في جزر لا علاقة لها بواقع الحال في بلدانها، ومحنتها اليوم ليست فقط في أنها تعيش خارج الجغرافيا بل والأهم من ذلك هو أنها تعيش خارج التاريخ. وهذا الاستنتاج بالتأكيد لا يصلح لأن يعمم على الجميع، ولكن لا يجوز أيضا تجاوزه عند وضع رؤية لمستقبل اليسار الماركسي في المنطقة العربية وآفاق التحالف من أجل إنشاء جبهة يسارية ديمقراطية واسعة تضم "كل" القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية. في نهاية التسعينات من القرن الماضي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram