TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > يحدث في العراق فقط :بيوت الصفيح والمصفحات

يحدث في العراق فقط :بيوت الصفيح والمصفحات

نشر في: 25 فبراير, 2012: 08:26 م

 أحمد حسين لا ضير أن يهتم السياسيون والشخصيات البارزة بأمنهم وسلامتهم الشخصية، إذ أن حق البقاء على قيد الحياة من أقدس الحقوق، لكن بالمقابل يجب أن لا يأتي هذا الحق لأشخاص معدودين على حساب حقوق أكثر من 32 مليون عراقي، ومن جيوب هؤلاء الملايين. وبالرغم من أن النائب الذي يخشى ذكره اسمه في التقرير المنشور في هذه الصفحة يقول أن أموال هذه المصفحات من ميزانية مجلس النواب وليس من الميزانيات الأخرى،
 فان السيد النائب لم يبين لنا ما هو مصدر ميزانية وتخصيصات مجلس النواب، هل هو مصدر من جيوب السادة النواب أم هي جزء من إيرادات النفط العراقي؟.تكاليف شراء المصفحات وبحسب التقرير تزيد على 600 مليون دولار، وهو مبلغ قد لا يعرف العديد من المواطنين المنشغلين بنحت الصخر لتأمين قوت يومهم، لا يعرفون أن النصف مليار دولار هذا يكفي لبناء مجمع سكني في كل محافظة من محافظات العراق يضم ما لا يقل عن 1000 وحدة سكنية وبخدمات متكاملة، بإمكان هذه الوحدات السكنية أن تنتشل آلاف العوائل التي تسكن بيوت الصفيح في قلب العاصمة والمحافظات الأخرى.كذلك يمثل مبلغ الـ600 مليون دولار منحة مهمة وكبيرة للقطاع الصحي الذي تعاني مؤسساته من تردي الخدمات ونقص في الأدوية والعلاجات والمعدات الطبية، فضلا عن القدرة الاستيعابية السريرية، وفي الصفحة هذه ثمة تقرير عن الواقع المأساوي لمستشفى الزهراء العام والذي أنعكس على مراجعيها من أهالي محافظة واسط، هذه المحافظة التي تسمى (سلة خبز العراق) إلا أنها سلة تعاني من هزال صحي لا تنفع المصفحات في علاجه.بالإمكان أيضاً استثمار مبلغ شراء المصفحات في تحسين شبكة الطاقة الكهربائية حتى وإن اقتصر ذلك على محافظة واحدة أو مدينة بل وحتى منطقة سكنية واحدة في بغداد أو أية محافظة أخرى، على الأقل سيتمكن النواب حينها من القول أنهم قدموا شيء. وليس بعيدا عن الـ600 مليون دولار ثمة واقع مؤلم تعيشه شريحة واسعة من العراقيين وهم الأيتام والأرامل، هذه الشريحة التي فقدت معيلها لأنه لا يستقل سيارة مصفحة تحميه أثناء ذهابه وإيابه من وإلى عمله، ولا ننسى أن عدداً غير قليل من معيلي هذه العوائل المنكوبة كانوا بلا عمل ثابت، فمنهم عامل البناء الذي راح ضحية سيارة مفخخة يقودها مجنون لم يجد غير مساطر العمل مسرحا لعملياته، ومنهم أيضا الباعة المتجولون والموظفون البسطاء وغير ذلك.كنا نتمنى على مجلس النواب الذي ليس لنا عليه سوى التمني منذ ثمان سنوات، وخاصة أن إقرار صفقة المصفحات تزامن مع خميس دموي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أقول كنا نمني النفس أن يتصدر أمن المواطنين وسلامتهم سلم أولويات جلسات البرلمان واهتمام أعضائه، لا أن ينصب اهتمامهم على حجم الأموال المطلوبة لشراء سيارات مصفحة تمنع عنهم نظرات حسد سكنة بيوت الصفيح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram