بغداد/ المدىأسرعت بالدخول الى غرفة القاضي وبدأت تتحدث بصوت عال ... سأتحدث يا سيدي بصدق وأمانة عما حصل لي مع هذا الحقير التافه !... عمري الآن سبعة وثلاثون عاما ، وفي سن مراهقتي الأولى تعرفت على هذا الذي لا يملك أي ذرة من أخلاق البشر المسلمين ولا من غيرهم ،
كان وقتها يلاحقني ويضرب لي المواعيد حتى التقي به ، في مكان آمن من أعين الناس ليبوح لي بحبه وهيامه ... وبأنه يحلم بالساعة التي يراني فيها زوجة له، وفي أثناء الخلوة يبادلني القبلات ويكشف عن مفاتن جسمي الحساسة واقبل ، لأنه وعدني بالزواج وللحق أقول أن أكثر من صديقة نصحتني بالابتعاد عنه بما فيهن زوجته الأولى التي كانت صديقة لي ، وما كنت اصدق ، لانني أحببته بكل ما في قلبي من حب !... وفوجئت بطلبه يد صديقتي وتصبح زوجته ويتركني ... كتمت جراحات قلبي ... وأخفيت دموعي فما من فائدة ترجى بعد ، وقد تزوج ... لكن أخبار حبه لي ولقائي به سرا أصبح على كل لسان في المنطقة ... فما من خاطب تقدم إليّ بعدها ... واخذت اعمل ليل ونهار بمهنة الخياطة لعلي أنسى ما حصل لي وأتسلى.. ومرت سنوات وأنا لا اراه ولا يراني وقد انتقل مع زوجته الى مكان عمله ، وما كان يزور الحي الذي نسكنه إلا نادرا لزيارة أهله ! وفي احد الأيام ذهبت للسوق فوجدت نفسي أمامه وجها لوجه ... فلم أتمالك أعصابي وقتها فقلت له بعصبية : أهذا أنت أيها التافه الحقير ، وتفلت في وجهه ، ومضيت... ومرت أيام أخر ... أيضا وجدت نفسي أمامه ، وكأنه كان يتعمد هذا فضحك ضحكة ماكرة .. وقال يسخر مني ... أنا لا اصدق كلامك ... أنت ما زلت تحبينني والتي سلمت جسدها لي ووهبتني اعز ما تملك لا تنسى لذتي وإذا لم أتزوجها فقد تقع في غرام غيري ... ومضيت في طريقي أفكر بكلماته ... لقد تحطم أملي في الزواج من أي احد ... لأنني سلمته نفسي وجسدي يفعل ما يشاء بها !.. وبعد فترة استأجرت محلا في السوق لأعمل فيه خياطة للملابس النسائية ... وفي إحدى الأماسي وقف امامي داخل المحل وسلم علي سلاما أعاد الى مخيلتي ذكرياتي معه ، بل أعاد شريط مأساتي كله ... هز يدي وقال ... ما رأيك أريد ان اعوضك عما مضى ؟ فهل تقبلين بي زوجا ، فكري في ما بعد وسوف اتصل بك لأخذ موافقتك ! فاتحت أهلي بذلك ... رفضوا ذلك وحذروني منه وذكروني بما حصل لي بسببه ... هذه المرة أيضا لم التفت لنصيحة احد بل اتفقت معه على الزواج وان ادفع المهر من جيبي! ووقف كل أهلي في وجهي . وقالوا : انه خبيث وماكر لا تنخدعي بكلامه المعسول ... لا يريدك بل يريد الفلوس التي ادخرتيها طوال السنين الماضية ! فما أصغيت لأحد ... قلت لهم بصراحة ... ماذا تنتظرون مني أن افعل وقد فاتني قطار الزواج ؟ ... وافق أهلي وتم زواجي به ... واخذ يسلبني بحيلة تتلوها حيلة ما أكنت ادخر ، ومن المصادفة العجيبة أنني لم احمل منه ... تبين بعد الفحوصات أنني لن أنجب لأني مصابة بالعقم ... وقلت اخدم واربي ابناء زوجي ولي اجر في ذلك عند ربي ... لكن معاملته لي بعد أن ابتز كل ما ادخر أخذت تتغير ... شتم واهانات وضرب وشك وحين يأتي إلى فراشي لا يقترب مني أبداً ، وحين اطلب منه أن يأتيني كما يأتي الرجل زوجته ، يطلب مني أن يأتيني في دبري ! أهذا إنسان يا سيدي القاضي ؟ أفيه ذرة من الإيمان ؟ أيحق لكم أن تعتبروه مسلما ويقاضيني في محكمة شرعية ! شكواي إلى الله الذي لا يغفل عنه ولا عن أمثاله ، ممن لا يتورعون عن هتك الأعراض وفعل المحرمات وفضح بنات الناس ! في هذه الأثناء كان الزوج صامتا يعد حبات سبحته ومع كلماتها الأخيرة قال : اتقي الله .. استغفر الله مما تقولين ونظر إلى القاضي وقال سيدي إنها كاذبة فلا تصدقها ، لكنها امرأة تعودت الخطيئة من صغرها ! إنني ما كنت انوي العودة إليها وقد تزوجت بغيرها ولي أولاد كبار وهم في سن الزواج ، لكنها هي التي رجعت ليّ وتوسلت بي لان أتزوجها لفترة من الزمن ، وكما اعترفت هي أمامك سيدي هي التي دفعت المهر وشراء الجهاز وتأثيث الغرفة إنها امرأة سيئة السلوك وتصادق من تشاء وتخرج من دون علمي ... هل هذه الزوجة شريفة يا سيدي ... إنها تخرج بدون علمي وتصادق الغرباء في محلها وقد يسر الطلب لها ولأمثالها أمر عدم الإنجاب مع وجود حبوب المنع !... نظر القاضي إلى الزوج نظرة احتقار وقال له : لماذا أمضيت هذا العمر وهي لم تتزوج إلا منك؟ لكن هانت عليك كرامتك فما وجدت مبررا مقنعا لتخلصك منها فادعيت هذا ... لقد فقدت الشرف والكرامة ... قررت التفريق في ما بينكما ... اكتفى الزوج بهز رأسه وهو يستمع ... ثم قال للقاضي : أنا أريد التفريق ومصمم على الطلاق!!
راح الخيـط والعصفور!!

نشر في: 26 فبراير, 2012: 07:34 م