بابل/ إقبال محمدعماد عاشور فنان متواصل مع الرسم بشكل يومي يرسم كيف يشاء بلا عقد أو تصنع أو مبالغة أو ادعاء، فالرسم يعني إيجاد حل لمعضلة نفسية أو فكرية او رؤيوية تشف عن أعماق دواخله وترينا صورته وهو غارق في لجنة توحده ونجواه، إذ ضم المعرض الأخير للفنان عماد عاشور 50 لوحة تشكيلية جسدت الوجوه الأنثوية والجمالية للمرأة البابلية.
وقال الناقد ورئيس مجلة تشكيل صلاح عباس: في لوحات عماد عاشور نجد ذلك الدفق المدهش من التأملات والخواطر والحالات التعبيرية المعبرة عنها بصدق وحرية وعلى مدى سنوات من الخبرة والمران استطاع الفنان ابتكار ذاته وإيجاد حلول شكلية ولونية لمعضلاته الأسلوبية والآن نجده مهتما برسم الوجوه الإنوثية المفعمة بالبشرى والأمل محملة بالعواطف الإنسانية المرهفة فمن أين تأتي هذه الوجوه أنها كرجع الصدى لذاكرة بعيدة فكل وجه رسمه مقترن بذاكرة خاصة عن إنسان مشخص ومحدد اشترك معه في مشاعر وعواطف وأحاسيس في زمن ما ومكان ما، بيد هذه الوجوه مسوغة بالاختزال الشديد والفنان لا يهمه تحقيق أعلى قدر من المشابهة ومطابقة الأصل بل انه ينشد الوصول إلى جوهر التعبير من خلال التركيز على ملمح بسيط واحد وهذا يكفي لطبع حالة من النجوى والتأمل ففي هذه الحالة لم يعد الرسم ترديدا أو محاكاة للأصل لكنه انشغال متماه بحالة وجدانية إزاء ملامح ذهبت في مهب الريح وليس أمام الفنان سوى القبض على بعض مفاتنها ونقاط الإثارة فيها وقد تبدو الوجوه مختلفة لا تشبه أيا من الوجوه الأخرى ولكنها وجوه الفنان بذاته ولذا فإنها امتلكت خصائص المغايرة لأنها مثلت منحى أسلوبياً مميزا يثير في النفس مشاعر الحنين والحب لوجوه محملة بالبشرى، نرى وجوه صبايا مبتسمة على الدوام ووجوه فتيات شيقات نقرأ في عيونهن الإثارة والنشوة وربما لحظات الشعور الشارد والذهول. وأضاف: ونرى أيضا وجوه نساء قرويات متجملات بالوشم وفي أحكام السياقات المعتادة بالثقافة الشعبية فإن الوشم لدى النساء القرويات يوضع في نقاط الجذب ومراكز الإثارة الجسدية والفنان قبض على الملامح واستطاع فض أفواه المعاني العميقة المتحدرة من جذور سومرية سحيقة، ومن هنا نكتشف بأن الفنان يشتغل في المنطقة المؤكدة للأصالة واكتساب الهوية إذ تبدو هذه الوجوه نألفها لا من خلال شكلها وملامحها بل من خلال دواخلها التي تراكبت بين الألوان وتحللت مع المذيبات حتى كان الفنان يتوه في لجة التأمل خلال عملية الرسم فيبلغ درجة من التشابه مع الأشكال التي يلوذ إليها ويعمل على تجسيدها وبمعنى آخر فإن الفنان يحقق انفصاله الكامل خلال آلية الرسم وكأنه يركب على جسده جناحين أبيضين ويحلق في مجاهل السماوات البعيدة ليستجلب صورة شاردة أو ليرسم ملمح غادر حلبة اشتباكه، وجوه ووجوه تنطلق ببلاغة الصمت مرسومة بألوان من إكسير الحياة هذه الألوان متحللة بدموع الغبطة وموضوعة بفرشاة التأمل والحرية والصدق إننا نبصر رسما مشبعا بالفن ومحتفلا بالجمال. وقال عماد عاشور في ما يخص تجربتي الفنية في هذا المعرض تناولت الوجوه البابلية، الوجه يمثل المرأة وهي ممثل المشاعر والأحاسيس لدى المرأة وهي النصف الآخر وأساس الحياة وان تجربة الوجوه النسائية في المعرض باستخدامات وتقنيات مختلفة. وقال الفنان باسم العسماوي هذا المعرض يؤكد من خلال لوحاته حب المرأة وحنان المرأة ولقد فاجئنا الفنان عماد عاشور بالعاطفة المكنوزة في داخله من خلال وجهها الذي يتناغم مع طموحات الفنان وقد وفق الفنان ولأول مرة أشاهد مقدرة متميزة.
عماد عاشور في معرض الغيد البابلية: الرسم لحظة الاحتفال بالجمال
نشر في: 26 فبراير, 2012: 07:42 م