TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :صفحناكم.. صفحتونا وعالبوابة لاقونا

في الحدث :صفحناكم.. صفحتونا وعالبوابة لاقونا

نشر في: 26 فبراير, 2012: 10:11 م

 حازم مبيضين استعار صديق عراقي مقيم في عمان منذ عقدين من الزمان، أغنية المطربة اللبنانية صباح التي تقول فيها (مسيناكم .. مسيتونا عالبوابه لاقونا.. ون زقفتو كتير كتير .. بتكونو بتحبونا) والمعنى بالعربية الفصيحة لهذه الكلمات هو أننا نسلم عليكم فردوا علينا السلام، وإن صفقتم بأيديكم كثيراً فمعنى ذلك أنكم تحبوننا، وقام صديقنا العراقي بتحوير مطلع الأغنية مترنماً (صفحناكم صفحتونا.. ون عشتوا بأمن وسلام بتكونو بتحبونا)،
 وأتى ذلك في سياق تعليقه على موافقة البرلمان العراقي على شراء سيارات مصفحة لنواب الشعب، بمبلغ تافه لايتجاوز الخمسين مليون دولار عداً ونكداً، وظل صاحبنا يردد سؤالاً إن كان هناك شرط بأن تكون تلك المصفحات رباعية الدفع ومموهة الزجاج، أو أنها ستكون عادية الشكل، بهدف التمويه على الإرهابيين، وإشعارهم أنها لاتعود لواحد من المسؤولين الذين ابتلى بهم الله الشعب العراقي المقهور.  يقول صاحبنا، ومعه كل الحق، إنه لو كان العراق مضاءً بالكهرباء، كما ينبغي له أن يكون في الألفية الثالثة لما اعترضنا، ولو كان الماء الذي يشربه العراقيون نظيفاً وصحياً، لصفقنا للقرار النيابي التاريخي، ولو كانت العملية التعليمية، وبما هي استثمار في المستقبل، تسير بشكل طبيعي لقلنا ألف مبروك على النواب سياراتهم، ولو كان الفساد خجولاً بعض الشيء لأطلقنا الزغاريد والهلاهل ابتهاجاً بالامتياز الجديد، الذي حصل عليه ممثلو الشعب وسدنة السلطة التشريعية، ولو لم تتزامن تفجيرات الخميس الإجرامية التي ذهب ضحيتها المئات من الأبرياء في مناطق متعددة من بلاد ما بين الرافدين، مع التخصيص المالي لشراء السيارات المصفحة، لقلنا بأن الشعب يعيش بأمان وبحبوحة وعال العال فلماذا لايتمتع النواب بمثل ما يتمتع به العراقيون. ظل صديقنا يطرح السؤال تلو الآخر عن تفاصيل صفقة السيارات النيابية المصفحة وهل سيحتفظ بها النواب بعد انتهاء فترة مجلسهم النيابي، أم أنها ستكون تحولت إلى ملكية شخصية لهم، ضرورية للحفاظ على أرواحهم الثمينة، حتى بعد سقوط صفة النيابة عنهم، وبما يعني تخصيص مبلغ مماثل لأعضاء المجلس النيابي القادم، دون أن ينسى أن السادة الوزراء والأمناء العامين للوزارات، ومدراء الدوائر، وقادة الجيش والأجهزة الأمنية، والمحافظون ورؤساء مجالس المحافظات، مستهدفون أيضاً إما بحكم مواقعهم، أو بواقع فساد بعضهم، ويحتاجون لتصفيح أنفسهم أثناء تنقلهم بين المواطنين خارج أسوار المنطقة الخضراء، لدراسة احتياجاتهم والاطلاع على واقعهم المعيشي. في واحدة من بلدان العالم التي تفهم الديمقراطية والمسؤولية، بشكل مغاير لما هو سائد في العراق اليوم، هناك سيارة رسمية واحدة تابعة لرئيس الوزراء، وللاستعمال الرسمي فقط، أي أنها تعود للكراج بعد انتهاء ساعات العمل الرسمي، وفي واحدة من الدول الأوروبية يلجأ الوزراء إلى دراجاتهم الهوائية، غير المصفحة، للتنقل وقضاء حاجاتهم بعد انتهاء ساعات دوامهم، وفي دولة عربية سحب الجيش من ضباطه سياراتهم العسكرية، وإعطائهم قروضاً ميسرةً لشراء سيارات خاصة، وفي بلد كالعراق يحتاج إلى كل فلس من ثروته الوطنية لإعادة البناء، والانتقال بالبلاد إلى القرن العشرين، وليس الحادي والعشرين، يتم هدر خمسين مليون دولار، لحماية أرواح النواب، الذين نفترض أنهم في موقعهم هذا لخدمة من انتخبوهم.لا نسخر من القرار المصفح بقدر ما نغضب، وبما أن غضبنا، صديقي العراقي العماني وأنا سيكون بغير نتيجة، فإننا سنغني معاً على إيقاع أغنية الشحرورة الصبوحة صفحناكم صفحتونا، ونردد بأسى لا عزاء للعراقيين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram