احمد المهنا للحصول على بطاقة " عودة مهاجر" من وزارة الهجرة والمهجرين مستلزمات: الوثائق الأربع، عقد الزواج، وثيقة من المختار فالمجلس البلدي تتضمن اقرار ثلاثة شهود من جيلك فما فوق بمعرفتهم لك قبل الهجرة. هذه وثائق الوطن.
أما وثائق الهجرة، فهناك جواز سفرك الأجنبي، وتأشيرة العودة عليه، وكتاب لجوئك السياسي أو ما يشابهه، ووثيقة تبرهن على وجودك في بلد الهجرة قبل 2003 مثل إجازة سياقة.تحمل كل هذا الجيش من الوثائق الى احدى دوائر وزارة الهجرة، وهناك، بعد التي واللتيا، وهما كثيران فعلا، تحصل على بطاقة " عودة مهاجر". والهدف منها منحة قدرها أربعة ملايين دينار وقطعة أرض. الأخيرة لم يحصل عليه أحد الى اليوم. لكن الأولى سلكت أمورها مع كثيرين الا صاحبي. * لماذا يا رجل؟أجاب محدثي: في يوم راجعت، فوجدت أن معاملتي قد ألغيت، ولم أحصل على تفسير، ثم توسطت، وأعدت السيرة وكونت ملفا جديدا، فحصلت على بطاقة عودة مهاجر ثانية. وبعد شهور، قال محدثي، أبلغت بأن اسمي ظهر على دفعة مشمولين بالمنحة. وذهبت الى البنك، فأعطاني كتاب " صحة صدور" لتأييده من دائرة الهجرة، في شارع فلسطين ببغداد، وأبلغت بالذهاب اليها مع الوثائق الأربع الشهيرة زائدا عقد الزواج، كل واحدة منها مستنسخة بالألوان مرتين.أضاف: أنا رجل كبير، وعليل، فلا أجرؤ على مراجعة دائرة حكومية دون واسطة. فاستقبلت هناك، من دون الإصطفاف في الطابور، ثم اذا بهم يطلبون مني وثائق اخرى، هي جواز سفري الأجنبي، وتأشيرة دخولي الوطن عليه، ووثيقة اللجوء، ووثيقة الوجود في بلد الهجرة قبل عام 2003 .قلت: ولكن كل هذه الوثائق لديكم، والدليل هي بطاقة " العودة" هذه التي في حوزتي. قالوا نعم ولكننا نحتاجها ايضا في معاملة تصديق صحة الصدور. سألت: ألا يمكن سحبها من اضبارتي، لأقوم بتصويرها ثم اعيدها مع النسخ المصورة؟ اعتذروا. لا مجال. تعال بها الأسبوع المقبل في مثل هذا اليوم وأهلا وسهلا بك!سألته: وماذا قال الواسطة؟أجاب: حوقل!• كم مضى عليك في هذه المعاملة؟• سنة.لعلك لاحظت، عزيزي القارىء، ان هناك في هذه القصة جديدا وقديما. الجديد هو تشريع الدولة قانونا بحق المهجر او المهاجر قسرا في تعويض. وهو تشريع جيد، فيه اعادة اعتبار وتأكيد حضانة الوطن لشريحة واسعة من مواطنين تشردوا وحرموا من حياة طبيعية.أما القديم فهي طريقة تنفيذه. إنها آلية عتيقة محكمة من الإذلال. وهي كذلك لأن مثل هذا الجيش من الوثائق لا نظير له في تاريخ المعاملات الرسمية بالعالم ، ولأن إلغاء معاملة من دون سبب ليس دليل كثرة أدب، ولأن واجب المؤسسة خدمة المواطن لا إرهاقه بطلب نفس الوثائق الموجودة لديها مرتين وأكثر بدل واحدة، وأخيرا لا آخرا، لأن الموظف لا يشعر بكل ذلك، فضلا عن أنه يدير أو يتصرف بالطريقة العصملية القائمة على الإذلال.القانون كرامة. وتنفيذه إهانة. المشرع سياسي والمنفذ مواطن عادي. ذاك يتقدم خطوة، وهذا لابث في مملكة آل عثمان، وما بدل تبديلا!وهذا مثل على ان الحكومات ليست دائما مذنبة، وان الشعوب ليست دائما بريئة.
أحاديث شفوية:وزارة الهجرة : قصة إذلال
نشر في: 26 فبراير, 2012: 11:04 م