د. سامي عبد الحميد أقامت (دائرة السينما والمسرح) أخيرا مهرجانا مسرحيا في مدينة البصرة، كانت (المونودراما) أي دراما الشخصية الواحدة هي المهيمنة على المهرجان، وفي أيام متزامنة أقامت دائرة الثقافة في إمارة الفجيرة مهرجان المونودراما الدولي.
وكان هناك مهرجان في مدينة اللاذقية للمونودراما ولكنه ألغي بسبب الأحداث الخطيرة التي تمر بها سوريا، كما تزمع إحدى منظمات المجتمع المدني في تونس أن تقيم مثل هذا المهرجان في وقت لاحق، واعتاد المسرح في العراق أن يشهد مهرجانات مخصصة للمونودراما. فإن ذلك يدعونا للتساؤل: لماذا هذا الحماس لمثل هذا النوع من الدراما ولماذا تقام كل هذه المهرجانات تكريسا لهذا الفن؟بادئ ذي بدء نقول: إن كتاب المسرح الواقعيين وفي مقدمتهم (جيكوف) هم الذين وفروا للمسرحيين نصوصا خاصة بالمونودراما مثل (أغنية التم) و(ضرر التبغ) وفي العراق كتب (يوسف العاني) أول مونودراما وهي (مجنون يتحدى القدر).ونذكر أن فرق المسرح الحديث قدمت (أغنية التم) على مسرح قاعة الملك فيصل عام 1956 ومثّل الدور (سامي عبد الحميد) ورافقه (يوسف العاني) وكانت من إخراج (إبراهيم جلال) وصمم الفنان (إسماعيل الشيخلي) منظر المسرحية بأسلوب اقرب للرمزي، وما زال الجمهور العراقي يتذكر الممثل المغربي (عبد الحق الزروالي) في مونودراماته الطويلة التي اعتاد أن يقدمها في جميع المهرجانات المسرحية العربية، وهنا نأتي على إجابة التساؤل وبنقاط: أولها المشكلة التي تعالجها المسرحية المونودراما حية تهم قطاعا كبيرا من المتفرجين مما يستهوي الفرقة المنتجة أو المخرج المتصدي لمعالجتها مسرحيا. ثانيها، إن الممثل الذي يقدم المونودراما لا يجد من يتعاون معه إذا ما اختار مسرحية غيرها ولذلك يعتمد على نفسه فقط في الأداء والتقديم. ثالثها أن الفرقة المنتجة للمونودراما تجد أن كلفتها الإنتاجية غير باهظة وان الوقت الذي تستغرقه التمارين قصير لذلك تستهل الأمر. وهكذا تتمثل الأنانية والانعزال في العمل المونودرامي وهو في كل الأحوال لا يأخذ وقتا طويلا عند عرضه على الجمهور ولذلك فهو لا ينتمي الى البرامج المسرحي الدائم للفرق المحترفة وإنما يظل تابعا في الهامش ولا نراه إلا في المناسبات الخاصة أو في المهرجانات. ومن خلال مشاهدتي لعدد من المونودرامات العربية أو العراقية توصلت إلى استنتاج مفيد للمعرفة هو أن هذا النوع من الدراما لا يختلف كثيرا عما يفعله (الحكواتي) الذي يقص القصص على مجموعة صغيرة من المتفرجين حيث أن في مسار عمله يسرد أحداثا مر بها ويلعب ادوار شخصيات يتمثلها. وهذا ما يفعله ممثل المونودراما أيضا. والمونودراما تختلف عمّا يسمى (عرض الممثل الواحد) أو (عرض الرجل الواحد) وهو الذي يقوم بأداء مقاطع مختلفة من فنون التسلية كالحكاية والغناء والرقص والألعاب السحرية.
(المونودراما) أنانية وانعزال
نشر في: 27 فبراير, 2012: 07:15 م