TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مسرح ذاتي.. مسرح مركزي

مسرح ذاتي.. مسرح مركزي

نشر في: 27 فبراير, 2012: 07:15 م

كاظم النصار في الأزمة الأخيرة لعدد من المحتجين ضد قانون التمويل الذاتي الذي اقر أثناء فترة الحصار على العراق واستمراره حتى هذا اليوم دعونا نذهب إلى الحل قبل ولوج في لب المشكلة التي يحاول البعض استثمارها أو تغيير مسارها أو إلباسها ثوب التصارع المناجي..
 والحل هو تفكيك هذه الدائرة إلى مديريات مستقلة عن بعضها_ مديرية للمسارح ومديرية للسينما.. وإلحاق قسم الفنون الشعبية بدائرة الفنون الموسيقية.. وأنا هنا أركز على المسرح بكل أهميته وتأثيره المطلوب في البنية الاجتماعية والثقافية للبلاد ودون النظر الى الجانب الإداري والتنظيمي أي أنني أركز هنا مهنيا فقط.. ومديرية المسارح تتكون من كادر محدد وأموال مركزة ورقابة واضحة ومشخصة وتحت إدارتها، المسرح الوطني ومسرح الرشيد ومنتدى المسرح ومسارح الاحتفالات في المنصور وأي مسرح يبنى مستقبلا تابع لوزارة الثقافة.. ومطالبة هذه الدائرة ببرنامج واضح وإستراتيجية واضحة ومحددة وعلى مدار العام.. تناط بها مهمة النهوض الشامل بالمسرح في العراق.. ويشرف على برامجها وتطويرها مستشار أو اكثر وتقيم هذه المديرية (يبتوار) موسم مسرحي واضح ومدروس يتصدى لنصوص عراقية تعالج وتشير وتشتبك مع المعطيات العراقية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا.. كما تقيم هذه المديرية ثلاثة مهرجانات رئيسية للمحترفين والشباب والطفل ومشاركة مبرمجة واضحة للمهرجانات العربية والعالمية وان تأخذ هذه المديرية إجرائيا صنع الحياة المسرحية الحقيقية وإدارة الثقافة فيها دون أن نستمع إلى جمل بلاغية عائمة لا رصيد لها ولا أهمية ولا وزن.. المهم أن هذه المديرية تسعى وفي زمن قياسي واضح إلى إعادة وضع المسرح على سكة الثقافة الوطني وتسعى إلى تطوير المسرح وانتشاله من هذا التراجع المريع الذي يشهده منذ سنوات.. لماذا هذا الفصل بين المديريات؟ لان هذه الدائرة أو المؤسسة سابقا وبسبب من إمكاناتها البشرية والمالية وبناها التحتية وفي النظامين الذاتي والمركزي وبسبب من موقعها المهم في الثقافة صارت الأبصار ترنو إليها من كل حدب وصوب أمس واليوم فصار يريد قيادتها حتى قطاع الطرق والمقامرين واللصوص وراكبي الموجة والمقربين من النظام آنذاك حتى حولها بعضهم إلى إقطاعيات خاصة لم نلمس لها مثيلا إلا في أدبيات العصر العباسي. أما لماذا التحويل المركزي في وقت تتجه البلاد تدريجيا إلى الاقتصاد الحر.. ويحاول مثقفون أيضا العمل والدعوة الى إنشاء وتأسيس تجمعات ثقافية ومراكز مستقلة لكي لا تتكرر هيمنة الايدولوجيا الحكومية على الثقافة من جديد؟ فالتمويل الذاتي في المؤسسات الحكومية شيء والقطاع الخاص الذي ينتج الثقافة شيء آخر والمؤسسات المدنية التي تنتج الثقافة شيء مختلف وأيضا ولكل منها رؤيا وعمل مختلف. فتكرس التمويل الذاتي في مؤسسات المسرح يعني رهن المسرح بيد تجار يريدون ربحا بأي ثمن كما يعني أيضا ان الأموال المستحصلة من الإيجارات والعمل التجاري وكذلك الأموال التي تأتي من الحكومة جميعها أموال خارج السيطرة والرقابة على عكس الأموال المقننة التي تأتي عن طريق التمويل المركزي.. وبهذا ساهمنا في إضاعة المال السائب المنفلت عن الرقابة والمراقبة والضوابط. والأمر الآخر هو وبسبب غياب معياري الكفاءة والنزاهة ودون النظر إلى اشتراطات تطبيق البرنامج والتغييرات المتتالية للأشخاص واللبس الحاصل بين الهامشي والمهمش صار الجميع يشعر بأن له الحق في ان يكون مديرا او وزيرا او عضو برلمان.. وله الحق في إدارة مؤسسة ثقافية.. طبعا (يقعد) ولا (يدير) لان القيادة تجعله بمنأى عن النقل والمحاسبة والمساءلة. القضية ليست إجرائية وإدارة ثقافة انها مجموعة تركيبات بلاغية عائمة في الفضاء والناس تصفق وأحيانا تبكي، ولان البعض ما زال يفكر بعقلية 99.9 وان الذين ينتقدونه هم متآمرون لديهم أجندة خارجية ويصطادون في الماء العكر ولديهم سعي مناجٍ ويريدون الاستيلاء على السلطة. والمؤسف حقا ان بعضنا بنوايا أو بغيرها درج على ترديد عبارات عريضة ببغاوية أمام وسائل الإعلام من أننا كمؤسسات حكومية لا نتلقى دعما ماليا وان الوضع الأمني يقف عائقا أمام تنفيذ مشاريعنا وهي وصفة خادعة وسهلة ومريحة وكاذبة تم من خلالها تمرير غياب البرنامج وتبرير الفساد المالي والإداري ومن ثم تراجع المسرح إلى وضع لم نشهد له مثيلا حتى في عامي 2006-2007 غير المستقريْن امنيا. والمؤسف أيضا أن نكتشف خديعة أن هؤلاء الذين كانوا يعارضون النهج القديم للمؤسسات الثقافية ما قبل 2003 هم الأشد صرامة في تأكيد ذات المنهج الذي كانوا يعارضونه.. وطبعا استثمروا الوضع غير المستقر للبلاد وعدم تشكل رأي عام ضاغط وخاصة في المجال الفني الذي استنزف كوادره البقاء لسنوات طويلة في دول الجوار لتأمين عيشهم، إذن.. نحن مع التمويل المركزي لحين تشكيل مؤسسات مستقلة حقيقية.. نحن ضد ان يبقى المسرح أسيراً للقطاع الخاص بحجة الربح الذي لم يغن ولم يسمن من جوع بل على العكس ساهم في إشاعة جو استهلاكي ونحن مع التحويل المركزي لحين وقوف المسرح على قدميه ووضع المسرح وثقافته على سكة الثقافة الوطنية الجادة..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram