TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > "النفط للجميع" بين النظرية والتطبيق

"النفط للجميع" بين النظرية والتطبيق

نشر في: 27 فبراير, 2012: 07:24 م

د. ناجح العبيدي في تطور جديد تبنى قانون الموازنة العامة لعام 2012 مادة جديدة تقضي بتوزيع نسبة من موارد النفط على المواطنين. ويضيف هذا القانون والمداولات التي سبقته فصلا جديدا إلى الجدل  الدائر حول موارد النفط وسبل توزيعها في ظل احتكار الدولة  لهذا الثروة التي تشكل  السبب الرئيسي لمعظم الصراعات السياسية والمذهبية والاثنية والمناطقية في العراق. غير أن الشعارات والحلول المطروحة لتجاوز هذا الوضع لا تزال بعيدة عن الواقعية، بل ويمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية.
بعد نقاشات دامت أكثر من شهرين أقر مجلس النواب ميزانية الدولة لعام 2012 والتي تستند على عائدات نفطية تزيد بحسب التوقعات الحالية عن  80 مليار دولار. ولا يقتصر الجديد في هذه الميزانية على أنها تعتبر الأكبر في تاريخ العراق فحسب. فلأول مرة يدعو قانون الموازنة الى تخصيص نسبة معينة من ايرادات النفط لكي توزع نقدا على العراقيين. وينص القانون على إيداع 25% من الزيادة في الايرادات عن صادرات النفط الخام في صندوق يستحدث لهذا الغرض. وإضافة إلى اشتراط تسديد العجز أولا فإن الغموض يحيط بنص القانون ويجعله مفتوحا لكل التفسيرات والتأويلات. فالنسبة المحددة لا تستقطع من عائدات النفط وإنما من الزيادة فيها. وهي رقم مجهول. كما لم يحدد القانون المستفيدين من ذلك واكتفى بالإشارة إلى أن المبالغ ستوزع لـ"مصلحة الشعب العراقي". ويثير هذا النص القانوني الجدل من جديد  حول قضية توزيع الثورة النفطية. فبين الحين والآخر دأب بعض السياسيين على إثارة هذا الملف الحساس بأمل جس نبض الشارع العراقي. وقد أضيف هذا النص الى قانون الموازنة بناء على إصرار ممثلي التيار الصدري على تنفيذ مطالب زعيمهم مقتدى الصدر الذي رفع مؤخرا شعار "نفط العراق للعراقيين".  وبالتأكيد فإن مثل هذه الشعارات ليست جديدة على العراقيين. فالجميع يتذكر شعار "نفط العرب للعرب" الذي تبناه حزب البعث المنحل في أواخر الستينات وبداية السبعينات. غير أن الجميع يتذكر أيضا إلى أين أدى هذا الشعار والذي انتهى عمليا باستئثار شخص واحد أو أسرة واحدة بكل ثروات العراق.وبعد الاطاحة بالنظام الديكاتوري على يد الولايات المتحدة اقترح مسؤولون أمريكيون إشراك جميع العراقيين في  موارد النفط عبر منحهم مبالغ سنوية. وكان الهدف المعلن هو إعطاء دفعة كبيرة للقطاع الخاص عبر إنعاش الطلب المحلي ورفع القوة الشرائية اللازمة لإحياء السوق المحلية التي اضمحلت  نتيجة الحصار والتضخم الجامح وإتساع معدلات الفقر. ورغم تخلى الادارة الأمريكية عن هذا المقترح تبنى أحد أهم حلفائها آنذاك أحمد الجلبي الشعار  أثناء حملته في ثاني انتخابات تشريعية في نهاية عام 2005. وكان السياسي الليبرالي حينها يأمل بأن يساعده ذلك في استمالة الناخبين. غير أن فشل الجلبي غير المتوقع في دخول البرلمان العراقي دفعه لمراجعة أوراقه والتخلي عن ليبراليته واكتشاف جذوره المذهبية التي ساعدته في الاحتفاظ بموقع معين في المشهد السياسي العراقي.  وعاد الموضوع  إلى الواجهة مجددا مع تبني نائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي لمبدأ توزيع حصص من النفط على المواطنين في عدة مقالات نشرها في صحيفة العدالة. وساهم نشر سلسلة من المقالات لجوني ويست،  الصحفي ومؤسس منظمة "أوبن أويل" للاستشارت في مجال الطاقة ومقرها في برلين  حول نفس الموضوع في إثارة الجدل بين عدد من الاقتصاديين حول جدوى توزيع الموارد النفطية على السكان .وتجدر الاشارة إلى أن كل من عادل عبد المهدي وجوني ويست يريان في توزيع موارد النفط مباشرة على المواطنين طريقة مناسبة لتجاوز الطابع الريعي للدولة العراقية ولهيمنتها المطلقة على النشاط الاقتصادي، هذا بالاضافة إلى مكافحة الفقر وتخفيف حدة الصراعات الدائرة على الثروة. كما يعول الاثنان على هذه الطريقة لإعادة الاعتبار إلى دور الضرائب في تمويل الموازنة العامة ورفع الوعي الضريبي للمواطنين وبما يمنحهم السلطة المعنوية لمراقبة أداء الدولة بدلا من أن يبقوا أتباعا لها.غير ان طريقة التنفيذ المقترحة تختلف من جهة إلى أخرى. ففي الوقت الذي يدعو فيه مقتدى الصدر وعادل عبد المهدي إلى تحديد نسبة معينة من عائدات النفط لهذا الغرض، يقترح جوني ويست تقسيم الفائض المالي المتوقع لميزانية الدولة في السنوات المقبلة على عدد سكان العراق ليخرج منها بحصة الفرد. وبغض النظر عن جدوى هذه الطريقة فإن احتسابات جوني ويست تستند على عدة مجاهيل يصعب توقعها بدقة، وخاصة فيما يتعلق بسعر البرميل وحجم الانفاق العام . وإذا كانت الاستعانة بمثل هذه التقديرات في التخطيط للموازنة العامة أمرا مألوفا فإنه من غير المعقول أن تلتزم الدولة بدفع المليارات للمواطنين بناء على معطيات غير مؤكدة وتتعرض لتغيرات مفاجئة بفعل التقلب الحاد في أسعار النفط العالمية.ونظرا لعدم لجوء أي بلد نفطي لتثبيت حق المواطنين في جزء من عائدات النفط فإن معظم الأفكار في هذا الصدد تشير إلى تجربة ولاية آلاسكا الأمريكية حيث يحصل كل مقيم فيها سنويا على مبلغ مالي من صندوق سيادي أسمه صندوق آلاسكا الدائم.وللحكم على إمكانية الاستفادة من هذه التجربة لا بد من الإشارة أولا إلى أن الهدف الاساسي لصندوق آلاسكا الدئم لم يكن ضمان حد أدنى من الدخل للسكان أو محا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram