اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > حين تغلق صالات الأحلام

حين تغلق صالات الأحلام

نشر في: 7 أكتوبر, 2009: 06:26 م

علي عبد الامير عجامخلقت دور العرض السينمائية في بغداد تقاليد اجتماعية وثقافية، بل كانت منذ اربعينيات القرن الماضي واحدا من المصادرالغنية للعراقي في معرفة الآخر، ونادرا ما تجد مواطنا متعلما ممن بلغ في اواخر القرن العشرين، العقد الرابع من عمره، لم تكن السينما شكلا من اشكال التسلية الراقية عنده.
ودور العرض في بغداد تتعدد لا بحسب الامكنة وحسب، بل بحسب الاذواق وبحسب الشكل السينمائي، فلا يمكن ان تذكر "سينما النهضة" في منطقة الباب الشرقي الا وتستعيد ذاكرة جمهور السينما في العراق مئات الافلام الاجنبية.كيف لي ان انسى هنا رقة اخي قاسم وقد عرّفني الى اجواء عروض هذه الدار؟ كيف لي ان انسى فيلم "غرباء حين نلتقي" (الصورة) حين اخذني اليه، وكيف اشار الى ملمح في الفيلم كان علي لاحقا ان اعتبره اول درس لي في تذوق الصورة ودلالات البناء الدرامي، حين ربط بين قصة الحب المتنامية بين كيرك دوغلاس وكيم نوفاك في الفيلم، والبيت الذي كان يبنى طوال فترة العلاقة بينهما، في اشارة ذكية منه الى ان الحب في عمقه الوجداني والانساني هو بناء حقيقي وكيان يتحول الى حيز ملموس ومؤثر.وكيف لي ان انسى درسه التربوي حين اخذني العام 1968 الى الفيلم الذي احدث ضجة في العالم "الى استاذي مع التحية"، فمع سحر الممثل سدني بواتييه الاستاذ الذي قرر التصدي لتحسين سلوك طلبة مشاغبين بالتوازي مع اغناء قيم المعرفة والايثار والصداقة وحب الآخر، ومع غناء لولو الذي صارت واحدة من المغنيات البريطانيات الشهيرات، أمكنني ان اخرج من صالة السينما مكتظا بمشاعر أصيلة عن قدرة السلوك التربوي على تغيير البشر وافكارهم نحو اتجاه ايجابي يركز قيم الخير والسلام والتعاون.وفيما كنت قد تحصلت على قدرة شخصية في مواصلة المعرفة والثقافة بعد ان رسّخ فيّ أخي أسسا قوية وثابتة، ظلت "سينما غرناطة" محطة لخطاي منفردة تارة ومصحوبة باصدقاء وصديقات تارة اخرى، وفيها شاهدت افلاما فرنسية بارزة، لا سيما مع موجة افلام السينما الفرنسية التي غزت بغداد في سبعينيات القرن الماضي، كما في فيلمي "الموت حبا" و"الاغتيال" والاخير كان معالجة سينمائية مؤثرة عن اغتيال السياسي المغربي المهدي بن بركة في باريس العام 1965.واذا كانت "سينما غرناطة" تخصصت بالافلام الاجنبية وتقاليد خاصة ليس اقلها عرض فيلم خاص لمرة واحدة في الساعة الواحدة بعد الظهر لاعلاقة له بالفيلم المعروض طوال اليوم، فان من نافسها على جودة عروض السينما العالمية كانت "سينما سميراميس" في عروض ما كان يعرف حينها "السينما التقدمية" بحسب تعبيرات عقد السبعينيات وتحديدا في افلام"زد"، "ساكو وفانزيتي" و"حالة حصار"، ومعها كانت تتحول تلك العروض الى منتديات ثقافية واجتماعية متحركة، فبامكانك مشاركة اي من الجمهور في نقاش حول الابعاد الفكرية والفنية للعروض، حيث الكثيرون كانوا جاءوا وهم يعرفون الى اين هم ذاهبون، في تطلع هادر الى المعرفة والحرص على الاتصال مع كل ما كانت تلك العروض تثيره من ايحاءات ودلالات. أقل ما يمكن وصف جمهور تلك العروض بانه جمهور مثقف، جمهور متذوق. وعلى الرغم من تغير المزاج الثقافي والسياسي العراقي في ثمانينيات القرن الماضي الا ان "سمير أميس" حاولت البقاء ما امكنها حارسة لذوق رفيع في الفن السابع حين وفرت للمشاهدين فرصا نادرة لمتابعة افلام بارزة مثل "نادي القطن" لفرانسيس كوبولا، و"هانا. ك" لكوستا غافراس، و"المحصنون" لبرايان دي بالما. واذا كانت "سينما بابل" تخصصت باسابيع الافلام لدول المعسكر الاشتراكي السابق، فثمة اسبوع الفيلم السوفياتي والفيلم البولندي واليوغسلافي، فان عرضا راقيا فيها كان من بين عروضها الاولى في العام 1975 حملني على اجنحة راقية من الجمال، وهو معالجة سينمائية حميمة لحياة المؤلف الموسيقي شتراوس. كما انني شاهدت غير مرة فيها فيلم "عودة الابن الضال" ليوسف شاهين وفيه عرف عراقيون كثر صوت ماجدة الرومي لاول مرة، مثلما تعرفت عبرها وغيري كثر من ابناء جيلي على فيلمين عربيين بارزين "المذنبون" و"أريد حلا" لمخرج واحد هو سعيد مرزوق.وعلى بعد اقل من خمسين مترا من "سينما بابل" ثمة قلعة الافلام العربية أي "سينما النصر" التي تخصصت بجديد السينما المصرية بل ان مسرحها شهد في العام 1965 حفلة غنائية احياها الراحل عبد الحليم حافظ، ولتكن الصالة ذاتها التي ضمت فيلمه الشهير "ابي فوق الشجرة" والذي استمر في عروض متواصلة زادت عن ستة اشهر.ومن النادران تصل دار سينما مستوى بحيث تمنح اسمها لشارع، ولكن "سينما الخيام" فعلت ذلك فلا احد يعرف التسمية الرسمية للشارع الذي تشغله، لكن عروضا من سينما "الاكشن" و"الويسترن" بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي منحت السينما تلك سطوة لاتدانيها سطوة، وكان فيلم "البؤساء" المأخوذ عن رواية فيكتور هيجو الشهيرة، هو الخطوة الاولى لي الى هذه ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram