إحسان شمران الياسري في فيلمه الجميل (الهلفوت)، يطرح الفنان (عادل امام) قضايا تؤشر جملة من خصائص المجتمع المصري، وخصوصا أوضاع الفقراء والمعوزين.. ويشترك معه في البطولة الفنان الراحل (صلاح قابيل).. و(الهلفوت) شخصية شبه معدمة في مجتمع معقد يلفـّه البؤس من كل ثناياه.. بالمقابل، يتولى الفنان (صلاح قابيل) دور الرجل القويّ ذي السلطة المطلقة الذي لا ينازعه أحد عليها.. ويستخدم الفنان قابيل (ونسيت اسمه في الفيلم)
والآخرين والآخريات لخدمته وإرضاء نزواته. غير إن الصدفة وحدها تكشف زيف الرجل القوي والهشاشة التي يغُلّفها ويخفيها منذ سنين. فعندما يوصل (الهلفوت) بعض احتياجات ذاك الرجل إلى داره، يكتشف عدد الأقفال التي يضعها لتأمين الباب من الداخل (وهذه إشارة إلى جبنه وخوفه وعدم ثقته بالآخرين)، ثم عندما يريد الهلفوت المغادرة يطلب منه قابيل أن يساعده في نزع الدرع الداخلي الذي يلبسه والحزام الطبي الذي يسند ظهره.. وبهذه اللحظة، يكتشف (الهلفوت) ضعف هذا الرجل الذي يرهب المحلة منذ سنين.. وفي اليوم التالي، يرفض الامتثال لأمر منه، وعندما يحاول إهانته أو ضربه، يقعان في مشادة تنتهي بمعركة بينهما.. ثم يقعان قرب سكة القطار.. وفجأة يكتشف (الهلفوت) إن صاحبه قد مات بين يديه.. وبعد التحقيق والتشريح الطبي يتضح أن الرجل القوي (مات من الرعب) عندما مرّ القطار بقربهما.. ويخرج (الهلفوت) من السجن منتصرا ومرفوع الرأس.. تذكرت أحداث الفيلم الذي شاهدته في سبعينات القرن الماضي، عندما بدأ العراق يتوسل بالعرب لعقد القمة في بغداد، ولإقامة الألعاب الرياضية في البصرة.. وعندما أخذ كبار المسؤولين في الدولة يستقبلون الأخوة المسؤولين من الخليج للاستماع إلى شروطهم لحضور القمة.. وسمعت مندوب العراق في الجامعة العربية يزف البشرى للشعب العراقي في إن بعض الدول وعدته بتلبية الدعوة.إن (الهلفوت) العراقي.. أيّ عراقي.. يعرف زيف وخواء ما تبقى من الأنظمة العربية التي تحاول تأخير ربيعاتها وخريفاتها.. ولم يتبق لها إلا أن تضع شروطا على (الهلفوت) العملاق لكي تحضر المؤتمر.. وليتني أملك السلطة لأقول لأولي الأمر أن لا يضعوا كل (بيض) السياسة العراقية وكرامتنا في سلة المؤتمر.. فنحن بحاجة لمؤتمر عن محنة السكن ومؤتمر عن محنة المرأة، ومؤتمرات عن معايير الوطنية والسلوك الوظيفي القويم والنزاهة.
على هامش الصراحة :مؤتمرالقمّة.. وشروط العرب
نشر في: 27 فبراير, 2012: 09:09 م